كلٌ منكم سوف يقرأ كتابه ، سوف يقرأ فطرته ، سوف يقرأ سر الله فيه ، فقد خَلَق كل إنسانٍ خلقاً متفرداً ، له خصوصيته ، له قدراته وإمكاناته ، له طبيعته ،" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ..." ]البقرة [286 ، ]إن من عبادي من لو أغنيته لفسد حاله وإن من عبادي من لو أفقرته لفسد حاله[(1) ،"فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ " ]القيامة18،19 [، كلٌ يقرأ ، أما البيان فيجيء من الداخل ، بقدر تطهر القلب ، " لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" ]الواقعة 79[، والمطهرون درجات ، والمعاني التي تمس القلوب ، تتناسب مع طهرها ، ومع نقائها ، ومع صفائها .

0.65

هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى. دين القيمة. دين العقول المنيرة والقلوب الحية والنفوس الزكية والأرواح الطاهرة. دين الحرية. دين العبودية لله. دين الأفضل والأحسن والأقوم. دين الكافة. (أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم) فأي عقول. إن الناس مستويات ومقامات. ولكل مقام مقال ولكل مستوى حديث. وكل يأخذ بقدره. وهذه عظمة الحديث القرآني. أن كل كلمة فيه وكل آية تخاطب جميع المستويات. وكل يأخذ بقدره. وهكذا كان حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. فهو يخاطب الناس على قدر عقولهم. وكل عقل يفهم بما هو له أهل. (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا(63)( سورة النساء) قل لهم إن عليهم أن يسلكوا طريق الحق وأن يجاهدوا في سبيل الله. وأن يجتهدوا بكل كلمة يسمعوها وفي كل حال يشهدوه. (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (69)( سورة العنكبوت). فالبدء من الإنسان أن يجاهد. والجهاد ليس مجرد سيفا يشهر. إنما الجهاد عمل صالح مستمر. له أدوات كثيرة وله طرق كثيرة. إن كل عمل يقوم به الإنسان إن تعامل فيه مع الله كان هذا العمل جهادا له في الله. وهذا ما نذاكر به دائما أن الدين ليس مجرد كلمات وليس مجرد شعائر وليس مجرد مناسك وإنما هو جهاد وعمل صالح.

0.57

عباد الله: [هذا الدين القيم أوغل فيه برفق، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى](1)، "... دِينُ الْقَيِّمَةِ"[البينة 5]، [ما شاد هذا الدين مشاد إلا جذبه](2)، دين الحكمة والموعظة الحسنة*. دينٌ، يخاطب الناس جميعاً، في جميع مستوياتهم ودرجاتهم واختلاف عقولهم. دينٌ، يقبل أن يتحاور الناس بينهم وبين بعضهم، وأن يرى كلٌّ نظرةً مختلفة.

0.35

" أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم" (3) ، وقدر عقولهم هنا ، لا تعني أن يكون مستوى الحديث متواضعاً ، وإنما هو يتناسب مع كل عقل ، فهو يخاطب العقول المجتهدة ، والعقول العالية ، كما يخاطب العقول المتواضعة أيضاً ، فحديثه يتناسب مع كل عقل ، كل عقلٍ ـ كما بدأنا هذا الحديث ـ يأخذ من حديث رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ما هو له أهل .

0.34

عباد الله: تدبّروا آيات الله وافتحوا قلوبكم لنورها، طهّروا قلوبكم حتّى تمسّ هذه الآيات هذه القلوب، "لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ"[الواقعة 79]، و[هذا الدّين القيّم أوغل فيه برفق فإنّ المنبتّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى](1).

0.34

هكذا قانون الحياة.. قليل من عبادى الشكور، هكذا قانون الحياة فى كل حال وفى كل قيام، الذين يجاهدون ويجتهدون، ويبحثون ويتعلمون، قلةٌ من كثرة، وهكذا نتعلم أن دين الفطرة وهو يخاطب الناس جميعا، خاطب الجميع فى كل مستوياتهم، وفى كل أحوالهم، فى كل مجالاتهم. وكلٌ يأخذ بما هو له أهل، وكلُ يفهم بما هو له أهل، وكلُ يتذوق بما هو له أهل.

0.31

فإذا نظرنا في الحقيقة وفي قدرات الإنسان المعنوية وف يقدرات الإنسان الحقية وفي قدرات الإنسان الروحية فكيف نطلق قولا بأن لا مجال للعقل في الدين وأي عقل هذا.. هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى)

0.31

عباد الله.. (هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرض قطع ولا ظهرا أبقى)دين الحياة دين الوجود دين الفطرة دين الفهم المستقيم والصراط المستقيم والفهم القويم. عباد الله..

0.3

عباد الله: إن كل إنسانٍ له قدراته وملكاته ، وله الطريق الذي يسلكه ، فينجو . [إن من عبادي من لو أفقرته لفسد حاله ، وإن من عبادي من لو أغنيته لفسد حاله](3) ، "...أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى" [طه 50] . كل إنسانٍ له ما يجعله أفضل ، وعليه أن يستغل ذلك ، وعليه أن يعرف ذلك . كل إنسانٍ عنده قدراته ، وملكاته ، وإمكاناته ، وطاقاته . لا يجب أن ينظر للآخرين فيقلدهم ، ولكن عليه أن يعكس البصر إلي داخله ، فيتعرف علي هذه القدرات والإمكانات ، ويُفَعِّلها ، ليكون أفضل مما هو عليه اليوم .

0.3

فلا يمكن أن يقيس إنسانٌ حاله، على حال إنسانٍ آخر، أو على قول إنسانٍ آخر، أو على رأي إنسانٍ آخر. وكل إنسانٍ له قدرته، وله إمكاناته، وله ملكاته، وله ما يناسبه، [أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم](1). وكل إنسانٍ، يأخذ من نفس الحديث، على قدر عقله، وعلى قدر صفائه، وعلى قدر نقائه وإخلاصه.

0.3

عباد الله: إن كل إنسانٍ، مطالبٌ بقدره، بقدر إمكاناته، بقدر عقله، بقدر قلبه، بقدر ما يستطيع أن يقدم من عملٍ ـ أن يمارس دورة الحياة، من استماعٍ وقراءةٍ، إلى تفاعلٍ مع ما يسمعه ويقرؤه بقلبه وعقله، ليرى ماذا سوف يُحدِث فيه هذا الأمر. وهذا هو الطريق، وهذا هو الدين، [لا تتبع من لم ينهضك حاله ومن لم يدلك على الله مقاله](2).

0.29

عباد الله: [هذا الدين القيم أوغل فيه برفق، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى](1)، هذا الدين القيم، الذي يشرح للإنسان معنى وجوده، ومعنى علاقته بربه، من خلال ما أودع الله فيه من طاقاتٍ وقدرات.

0.29

"هذا الدين القيم أوغل فيه برفق، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى". دين المعرفة ودين الحياة، دين الكسب، دين الارتقاء والمعراج. دين يحفز الإنسان على الارتقاء والمعراج دائما، يطلب منه أن يفكر بعقله، وأن يذكر بقلبه، وأن يجاهد بذاته.

0.29

وحين نرى فى الظاهر نجد أن كل إنسان له ما يميزه، كل إنسان له بصماته وله ظواهر شخصيته، لذلك فإن كل إنسان له قدرته وله سعته وله عقله"أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم" ونعرف جميعا أن كل إنسان لا يأخذ من العلم إلا بقدره، ولا يأخذ من المعرفة إلا بقدره، كنهر يشرب منه الناس جميعا، كلٌ يشرب حسب حالته وظمئه، كلٌ ينهل من المعرفة بقدره. لذلك فلِتنهل من المعرفة، من مصادرها. عليك أن ترفع مستوى وجودك وقدرتك، حتى تكون قادرا على أن تنهل من المعرفة حقا، وأن تزداد من تلقيك لهذه المعرفة.

0.29

(هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى)(ما شاد هذا الدين مشاد إلا جذبه) لأنه هو ما هو أحسن لأنه كل ما هو أفضل لأنه قدر الإنسان وقدر عقله )(العقل أصل ديني)ففي أي مكان وفي أي زمان ما هو أحسن هو الإسلام وما هو أفضل هو الإسلام وما هو أقوم هو الإسلام.

0.29

فإذا نظر إلى كل قضية مطروحة في الساحة اليوم ، سوف يقرأ نفسه من خلالها ، إذا نظر إلى ما يقوله الناس ، أو ما يعتقده الناس ، في دينهم وفي حياتهم وفي سلوكهم وفي أسلوب حكمهم أو اقتصادهم ، أو ما يراه من قضايا اجتماعية ، ورؤيته لهذه القضايا ، وإحساسه بها ، وتأمله فيها ، ورؤيته لها ـ فهو سوف يقرأ من خلال اتجاهاته ، سوف يقرأ نفسه ، سوف يقرأ ماضيه ، سوف يقرأ تاريخه ، لأن وجوده الآن هو محصلة لهذا القديم الذي كانه .

0.28

فدين الفطرة هو مصدر دائم ينهل منه كل إنسان على مر العصور المتعاقبة.. كلُُ ينهل بما هو له أهل.. وهذا ما نشرحه دائما في أن الإنسان يحصِّل من المعرفة بمدى أهليته وبمدى علمه ومعرفته.. وكلما زادت معرفة الإنسان.. كلما ازدادت قدرته على أن يستوعب أكثر وأن يعرف أكثر وأن يتعلم أكثر.. فإذن ليس كل قارئٍ لكتاب الله ولسنة رسول الله.. ولكل ما جاء به الدين في صور مختلفة سوف يخرج بنفس النتيجة أوبنفس المفهوم. وإنما يخرج الإنسان مما يقرأ ومما يتأمل.. بما هو له أهل.. وهذا ما عبّر عنه القرآن في قوله "لا يمسه إلا المطهرون".. فهنا معنى المطهرين هم الذين يقرأون القرآن حقا بقلوبهم.. فمسّ قلوبهم فيعرفون ما لا يعرفه الآخرون.. ويدركون ما لا يدركه الآخرون..

0.28

إن قضية الإنسان أن يعلم وليعلم يجب أن يقرأ يقرأ قانون الحياة ويقرأ قانون الوجود يقرأ بإسم ربه الذي خلق خلق الإنسان من علق يقرأ حقا وربه الأكرم الذي علم بالقلم..

0.28

عباد الله: [هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى"(1)، "...دِينُ الْقَيِّمَةِ][البينة 5]. جاء هذا الدين، في كل الرسالات السماوية، جاء هذا الدين، في كلمات أولياء الله الصالحين وعباده المخلصين، في الشرق وفي الغرب، في الشمال وفي الجنوب.

0.28

"هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى". هذا الدين القيم هو دين الفطرة. هو قانون الوجود هو الأفضل والأحسن والأقوم. إنا حين ننظر الى آيات الحق. والى أحاديث الرسل. والى كل حكمة في الشرق أو في الغرب. فسوف نجد أنها تخاطب الفطرة السليمة والعقل المستنير. تستخدم التصريح والتلميح. تستخدم التوجيه المباشر والتوجيه بالإشارة والرمز. ولا نجد في أي آية أو حديث ما يتنافى مع العقل السليم ومع الفطرة المستقيمة. هذا أساس يجب أن نبني عليه ولا نحيد عنه. وحديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه "العقل أصل ديني" والعقل ملازم للإنسان في كل ما يسمعه وفي كل ما ينطقه. ولا نستطيع أن نترك العقل جانبا بعد مرحلة معينة كما يريد البعض أن يكون الحال. وأنت حتى لا تستطيع أن تفهم الكلمات الصريحة إلا بإستخدام العقل. والكلمات هي وسيلة للتعبير عن مفاهيم وعن قيم حقية. وليست هي المفاهيم والقيم الحقية. فالكلمات تعبير وليست هي الأساس. هي وسيلة أو ليست غاية أو هدف بمجرد تركيبها الحرفي ومعانها اللفظي. فأنت تستخدم الكلمة في مواضع كثيرة في معان متعددة لذلك فالإنسان يمكنه أن يفهم الحديث الواحد والآية الواحدة بصور متعددة من واقع اللفظ لأن اللفظ يحمل معان كثيرة. نقول هذا لأنه يحدث جدل كثير حول حديث أو حديثين أو أكثر. يرى البعض في معناهم اللفظي. لا يجعله يقول أن هذا الحديث غير صحيح.

0.28

إن دين الفطرة يدعو للتأمل والتفكر والتدبر(الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض)إن دين الفطرة لا يخاطب الإنسان إلا بما هو أحسن.. إن دين الفطرة ما هو أحسن.. وما إتفق الناس على شيء عى أنه أحسن إلا وجودوه في دين الفطرة.. لأن دين الفطرة يعبر عن الإنسان (هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى).

0.28

دين الإسلام، ودين الفطرة، ودين الحق ظهر لِيُعَلِمَ الناس كيف يكونوا عبادا لله، وكيف يتفكروا، ويتأملوا، ويتدبروا، ويتعمقوا، ويتذاكروا ويتعلموا، ولايتوقفوا. يسلموا بوجودهم، ويسلموا بعقولهم، ويسلموا بأرواحهم؛ إسلاما حقا يشهدوا فيه حياتهم، ويشهدوا فيه نجاتهم، يشهدوا فيه حقهم. كلٌ يأخذ من الإسلام بما يستطيع وبما هو له أهل، كل ينهل من هذه المعانى بما هو له أهل "قل لو كان البحر مِدادًا لكلمات ربى لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا"؛ فالمعانى فى الدين لا نهاية لها، والذى يريد أن ينهل من هذه المعانى لاحدّ ولا عدّ لما يستطيع أن يأخذه وأن ينهله، ولكن بعض الناس يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون، يريدون أن يجعلوا من مفاهيمهم دينا، ومن تصورهم طريقا، ومن جهلهم مسلكا، ومن تسطيحهم للأمور مذهبا، ومن إهمالهم لعقولهم واجتهادهم طريقا. كل ذلك يتم بدعوى الدين وباسم الدين؛ والدين أكرم، والدين برئٌ مما يقولون، ومما إليه ينسبون؛ فدين الفطرة دين العقل، ودين القلب، ودين الاستقامة، ودين الحُجَّة، ودين الحكمة، دين الأحسن والأفضل والأقوم، دين الحياة.

0.27

عباد الله: نسأل الله: أن يفيق الناس إلى دينهم، وأن يقرأوا دينهم، وأن يكونوا في حالٍ أحسن وأفضل مما هم عليه، وأن يدركوا أن الله أكبر، ويدركوا أن دينهم متجددٌ دائماً، يكلمهم ويخاطبهم دائماً، رسائله موجودةٌ في كل ما يحدث حولهم. عليهم أن يقرأوا وأن يسمعوا، حتى يكسبوا حياتهم وطريقهم.

0.27

فهذا التوجيه الأول، الذي يبدأ منه الإنسان، أن يقرأ. أن يقرأ رسائل الحياة، وأن يقرأ آيات الله، وأن يقرأ كل ما يحدث حوله. أن يقرأ قراءةً مستنيرة، ليعرف هدفه، وليعرف مقصوده. على كل إنسانٍ، أن يحاول بقراءته، أن يصل إلى هدفه ومقصوده في الحياة. ماذا يريد، من قيامه على هذه الأرض؟

0.27

"هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإنت المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى"..

0.27

الحديث العقل اصل ديني. ونجد في بعض أو المذهب الزيدي الشيعي بوجه الخصوص نجد أنه يضع العقل في المقام الأول في الإدراك وفي الإجتهاد وفي المعرفة وفي التعرف. لا العقل لحد ذاته أنه سوف يضع أمور من فراغ ولكن لأنه الوسيلة التي سوف يستخدمها الإنسان ليتعرف على ما أُمر به. فلا يتصور إنسان يقرأ كتاب الله ويقرأ سنة رسول الله سيستطيع أن يقوم بما فيه من معاني وهو لا يملك عقلا. إذا لو تصورنا جدلا أن إنسان يقرأ كتاب وليس عنده عقل فهو لا يستطيع أن يتفهم حتى الكلمات الموجودة لأن الكلمات لها دلالات والدلالات موجودة في العقل وبتعبر عنه. والعلاقات هي أن يصل من هذه العلاقات الى معاني. من هنا كان العقل في المقام الأول وهذا ما نقوله نحن دائما حين نقول أن بعض الفقهاء أو العلماء يقولوا عليك أن تُعمل عقلك حتى تعرف أن هناك الله ثم بعد ذلك لا تُعمل عقلك. نحن نقول هذا لا يكفي إذا كان أنت وصلت بالعقل بهذا المنطق أنك شعرت بوجود الحق وبوجود الغيب. العقل هنا إذن هو نعمة كبرى. لا أستطيع بعد ذلك أن تقول لي حين تأمرني بفعل أن لا يمر هذا الفعل على عقلي. إنه سيمر سيمر. إن قال لي إفعل كذا حتى معنى الأمر بإفعل يجب أن يمر على العقل وأفهم ماذا أفعل وكيف أحول هذه الكلمات الى سلوك.

0.27

(1) حديث قدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر، ولو أغنيته لفسد حاله، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى، وإن أفقرته لفسد حاله).

0.27

إن دينكم دين الفطرة دين الحياة دين النجاة دين الأفضل والأقوم دين الأحسن والأكرم دين الجماعة دين التواصي بالحق والتواصي بالصبر (هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى)هذا الدين القيم الذي يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي هذا الدين أعطى الإنسان منهجا واضحا يستخدم الإنسان في حياته ويعمل به في كل ما يتعرض له. هذا المنهج هو أن يعمل الإنسان ما أعطاه الله لا كفرد فقط ولكن كجماعة أن تكون هناك جماعة أن تكون هناك أمة تأمر بالخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. هذه الجماعة وهذه الأمة تستلهم من آيات الحق القيم والمفاهيم التي تنتهجها والتي تهدف إليها والتي ترجو أن تحققها. أماكيفية تنفيذ هذه القيم فإنه يدخل فيها واقع المجتمع وحياة الناس. فالدين ليس صورة وليس شكل وإنما هو مصدر لصور وأشكال كثيرة تتناسب مع الإنسان وحاله ومع المجتمع وأحواله. فالدين هو المنهج وليس الصورة الدين هو الأسلوب وليس الشكل الدين هو العمل والإجتهاد والمحاولة وليس ما يصل إليه العمل أو الإجتهاد.

0.27

عباد الله: هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لاأرضًا قطع ولاظهرًا أبْقى.

0.27

عباد الله: [هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى](1)، "... دِينُ الْقَيِّمَةِ" [البينة 5]، دين الأحسن والأقوم. علينا أن نتأمله بعمق، وأن نتعلم كيف نحيا كل كلمةٍ فيه، كيف يكون هدفنا، هو إصلاح وجودنا، كيف تكون كل عباداتنا، لتقويم أمرنا، ولتصحيح ما اعوَجَّ فينا، وأن يكون فكرنا، هو لتصحيح مفاهيمنا، وأن يمارس كل إنسانٍ ذلك، وكل إنسانٍ مسئول، "كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته"(2).

0.27

تدبروا آيات الله وتعلموا دينكم حقا دين الفطرة دين الحياة دين العلم دين المعرفة دين الجهاد والإجتهاد دين العمل دين الأفضل والأحسن والأقوم. واعلموا أن كل إنسان يبدأ بنفسه وعليه أن يفكر ويتأمل ويتدبر ولو بقدر قليل بما أعطاه الله غير جاحد معرفة الآخرين ولا علم الآخرين وإنما يعرض كل شيء على قلبه وعلى عقله ويستعين بالله (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا(59) (الفرقان ) ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(7)( سورة الانبياء) ويتجه الى الله في طريق الحق والفلاح والى أهل الذكر وأهل العلم يكشفوا له ويساعدوه في طريقه وفي سلوكه. فهو في حاجة لأن يستعين بكل قوة ممكنة وبكل وسيلة متاحة ليبدأ طريقه. (كن كيف شئت فإني كيفما تكون أكون) وما يصل إليه هو ما سيكون عليه وهو ما سيشاء أن يكون عليه. والله بقدرته اللانهائية يتكيف مع كل إنسان بما هو له أهل ويعطي كل إنسان بما هو له أهل (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ(286) ( سورة البقرة) وكلما إتسعت مقدرة الإنسان كلما جاء عطاء الله. وليجعله أفضل وليجعله أحسن. ولذلك فإن كل إنسان عليه أن يعد نفسه وأن يجعل نفسه أكثر إتساعا حتى يكون أكثر قربا الى الحقيقة وأكثر علوا في طريق الحق والصلاح والفلاح.

0.27

علينا ونحن ننتمي الى هذه الأمة.. ونحن ننتمي الى دين الفطرة.. أن نكون أهلا لأن ندعو بما جاء به دين الفطرة من معان ومفاهيم.. وأن يكون حديثنا مناسبا لمخاطبة العقول في كل بقعة من بقاع هذه الأرض.. دعوة تتسم بالعقلانية وبالأفضل والأحسن والأقوم.. "لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" "وادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" "ما شاد الدين مشاد إلا جذبه" "هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" "يسروا ولا تعسروا".. كل هذه الأوامر في الأحاديث والآيات.. تحثنا أن نُعمل عقولنا.. حتى نُخرِج مما بين أيدينا مفاهيما تدعو الناس الى الحق.. وتدعو الناس الى الخير والى الصلاح والفلاح.. دعوة الفطرة.. دعوة العقل.. "العقل أصل ديني" دعوة الأحسن والأقوم..

0.27

(1) حديث قدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر، ولو أغنيته لفسد حاله، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى، وإن أفقرته لفسد حاله).

0.27