إن أول خطوةٍ يجب أن يخطوها الإنسان ، هي أن يتعلم كيف يقرأ كتاب الله وحديث رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قراءةً يعلو فيها ، عن تجسيد صورةٍ معينةٍ لعلاقته بالله . وإنما دافع هذه القراءة ، هو القراءة في حد ذاتها ، القراءة التي إن صدق الإنسان في طلبها ، فإنها هي التي سوف تشكل وجدانه ، وضميره ، وفكره ، وشعوره ، وعمله . قراءةً يبحث فيها عن معنى وجوده ، وعن رسالة حياته ، وعن هدف قيامه . ماذا قالت له الآيات عن وجوده ، وعن نفسه ، وعن حاضره ، وعن قديمه ، وعن قادمه ؟

0.97

الذي يتعلّم القراءة، سوف يستطيع أن يوفّق بين القراءة السّابقة والقراءة الحاليّة، بل أنّ القراءة الحاليّة، ربّما تعلّمه أن يقرأ النّصّ أفضل من القراءة أو من الفهم السّابق.

0.43

نسأل الله: أن يرفع عنا هذه الغمة، وعن مجتمعنا، وعن مجتمعاتنا، وعن أمتنا، وعن كل إنسانٍ على هذه الأرض، أن يرفع عنه هذا البلاء، وأن يجعلنا جميعاً من الذين يقرأون آيات الله، ويتعلمون من آيات الله، ليصححوا مفاهيمهم، وليصححوا طريقهم، وليعرفوا أفضل عن دينهم، وعن حياتهم، وعن علاقتهم بربهم، وعن مستقبل حياتهم، وعن معنى وجودهم، ليكونوا عبادا لله صالحين، وليكونوا في طريق الله سالكين.

0.41

فإذا كنا نتأمل في تكويننا وفي الوجود من حولنا قيمة هذا عند من طلبه وعند من رغبه وعند من تساءل بينه وبين نفسه عن وجوده وكينونته وعن ماضيه وحاضره وقادمه وعن إنسانيته وعن ربه وعن حقه وعن مسلكه.

0.36

عباد الله: إنا نتذاكر كثيراً ، عن معنى العبودية لله ، وعن معنى وجودنا على هذه الأرض ، وعن الآيات التي تحدثنا عن وجودنا ، وعن هدف حياتنا ، وعن مستقبلنا في آخرتنا ، وكيف أن كل ذلك مرتبطٌ بما في داخل الإنسان ، من قدرةٍ على استيعاب المفاهيم ، وعلى تَقبُّل آيات الله ، وكلمات الله ، وكل ما يحيط بالإنسان على هذه الأرض .

0.35

هنا، سوف تجد أن القضية، هذه القضية اللي هي فيها نوع من التعامل الأرضي القائم على المودة، والقائم على المحبة، والقائم على المساعدة، والقائم على العطاء، بغض النظر عن الإنسان ومعتقده ـ ثم يجيئ المستوى الآخر، وهو فهم الإنسان عن الكون، وعن وجوده، وعن رسالته، وعن مستقبله، وعن حياته، وعن آخرته، وعن الغيب، كل هذه المعتقدات الخاصة بالإنسان نفسه.

0.35

فإذا نظرنا إلى سورة الشّمس، التي نقرؤها دائمًا في نهاية جلساتنا، لوجدنا أنّ بها معانٍ كثيرة خاصّة بمفردات الحياة، والوجود، والكون ـ فهي تتكلّم عن الشّمس، وعن القمر، وعن الليل، وعن النّهار، وعن السّماء، وعن الأرض، وعن النّفس، وعن أهل الظّلام، وعن أهل النّور، وعن نتيجة أعمال أهل الظّلام، ونتيجة أعمال أهل النّور. وهي بذلك، تلخّص معنى الحياة.

0.35

لذلك، فنجد أن الدين مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً، بحياة الإنسان في خارجه وفي داخله، ومن ثم لا نستطيع أن نفصل مفهوم الدين، عن حياة الإنسان، وعن معاملاته، وعن حياته المادية، وعن عمله، وعن معتقده، وعن اختياراته.

0.35

اللهم وقد غفل الناس عن حقي وجودهم وعن مقصود حياتهم وعن مفهوم دينهم وعن تقدير رسولهم وعن تبجيل معنى الحق في قيامهم وعن بذرة الحياة في قلوبهم وعن دعاء الله في طلبهم وعن مقصود وجه الله في سلوكهم فمنهم من كانت الدنيا مبلغ علمه وكانت الدنيا كل همه ومهم من أخذ من الدين قشوره.. فأساء لدينه وأساء لحقي الحياة فيه إلا من رحم الله فعرف الله وقصد وجه الله..

0.34

حتى يستطيع الناس أن يقرأوا معاني ولا يقرأوا تفسيرات محدودة فسرها البعض بمفهوم قد يكون قاصر عن التعبير وعن التعريف. من المعاني والآيات كما جاءت في كتاب الله وفي سنة رسول الله هي معاني شاملة قابلة للفهم بصور حقية كثيرة وبصور معنوية وليست محدودة في شكل أو صورة يريد البعض أن يفرضها وأن يجعل من تفسيره لها التفسير الوحيد لهذه المعاني الجميلة التي تكشف عن قوانين الحياة وتكشف عن علاقة الإنسان بربه وعن علاقة الإنسان بالكون وعن علاقة الإنسان بأخيه الإنسان. بقيم حقية معنوية روحية تسمو وتعلو عن العصبية وعن الشكلية وعن أي صورة جامدة رسمها الإنسان في وقت ما. إنها دعوة للناس جميعا لأن يتأملوا ويتفكروا في وجودهم وفي هدف حياتهم وفي رسالتهم على أرضهم.

0.33

فهنا، ندرك هذا المعنى، ونستطيع أن نضع هذه الحدود، بمفهومنا للآيات، التي تحدثنا عن الإنسان، وعن تدبره، وعن فهمه، وعن إدراكه، وعن قيمته، وعن إكبار الحق لما أودع فيه، من سر الإدراك، ومن سر الاختيار، ومن سر القدرة على التمييز. هذا، هو المقياس، الذي يجب أن يكون في داخل كلٍ منا.

0.33

أول هذه الحقائق هي إدراكه عن نفسه ووجوده وإدراكه عن قيامه وأمله وعن قديمه وحاضره وقادمه.

0.32

فلا نظن أننا بحديثنا عن أنفسنا وعن قيامنا وعن أحوالنا وعن ظروفنا وعن أحداث الحياة بيننا وما يجب أن نكون فيه نخرج عن حديث في الله.. فحديثنا عن سلوكنا وعن قيمنا هو حديث في الله وإذا حاولنا أن نفصل بين قيامنا وسلوكنا وطريقنا وبين حديثنا في الله فلن نستطيع لأن لا إنفصال بينهما.. ولا فرق بينهما.. قيام واحد ومعنى واحد وفهم واحد..

0.32

الله أكبر عن أي مفهوم، وعن أي جانبٍ، وعن أي مؤسسةٍ، وعن أي دينٍ، وعن أي مذهبٍ، وعن أي فلسفةٍ، وعن أي اعتقادٍ، الله أكبر عن ذلك.

0.32

اللهم وقد جعلت لكل شيء سببا وجعلت لأن يعلم الإنسان عن نفسه وعن حقه وعن ربه سببا فأرسلت الرسل وأمرت أن يعلم الإنسان الإنسان.. عن حقي وجوده وعن مستقبل حياته..

0.32

نسأل الله أن يوفقنا في حديثنا ، وأن يلهمنا ما فيه صلاح أمرنا ، وأن يجعلنا أكثر صدقاً ، وأكثر صلاحاً ، وأكثر عملاً وعلماً ، حتى نعرف أكثر عن حياتنا ، وعن وجودنا ، وعن سر طريقنا وقيامنا على أرضنا . فالإنسان منذ وجد على هذه الأرض ، وهو يبحث عن حقيقة وجوده وعن معنى قيامه ، وجاءت الرسالات السماوية ، لتُعلِّم الإنسان عن هذا المعنى ، معنى وجوده على هذه الحياة .

0.31

عباد الله: ما أردنا أن نقوله اليوم: أن علينا، أن نُكبِر الله عن الوصف، وعن التحديد، وعن التجسيد، وأن نتعلم، كيف نقرأ آيات الله، قراءةً متعمقة، مدركين مقاصدها، فإرادة الله، أكبر من أن نحيط بها.

0.31

من هو؟.. وما هي الحياة؟.. الإدراك والفهم في هذا المعنى هو الدين.. وهو الطريق.. وهو السلوك مهما حاولنا أن نفهم عن أنفسنا وعن ماهيئنا، وعن قيامنا ،وعن دورنا ،وعن وصلتنا ،بمعاني الحياة.. فلن نعرف إلا القليل.. لأن معرفتنا ما هي إلا الوصلة بين الحياة وبين وجودنا..

0.31

إنّ كلّ ما نقوله في أحاديثنا عن معنى الطّريق، وعن مستقبل الإنسان، وعن الإيمان بالآخرة، وعن الإيمان بالله، وعن العلاقة برسول الله ـ هي أمورٌ كلّها عقائديّة، لا يعني أنّنا ونحن نقولها نحيط بها ونعرف ماهيّتها، ونعرف كيف ستؤثّر في حياتنا وكيف ستتحوّل إلى واقعٍ في مستقبلنا ـ لا نستطيع أن نصف ذلك.

0.3

إن دين الفطرة يعلمنا عن الإسلام وعن معنى الإسلام وعن الإيمان وعن معنى الإيمان وعن الإحسان وعن معنى الإحسان.. يعلمنا ما هو الإسلام وما هو الإيمان وما هو الإحسان.

0.3

إن وجود الإنسان فى حد ذاته هو أكبر حديث من الله له، إن لم يقرأ آيات الله فى نفسه ، وإن لم يشهد آيات الله فى وجوده، فلن يشهدها فى أى شيئ آخر، ولن يقرأها فى أى حادث آخر. إن الذى لا يقرأ كتاب نفسه، لن يستطيع قراءة كتاب الحياة فى أحداث الحياة. إن حديث الله للإنسان أكبر فى وجود الإنسان، وفى خلق الإنسان.

0.3

اللهم فاكشف الغمة عنا، وعن بلدنا، وعن أرضنا.

0.29

يا من تريدون حقا لقاء الله ويا من تقصدون حقا وجه الله ويا من تجتمعون حقا على ذكر الله حديث الحق موجه إليكم وتعاليم الحق لكم وآيات الحق تخاطبكم تقول لكم في أنفسكم قولا بليغا.. تكشف لكم عما فيكم من أسرار الحياة تكشف لكم عن فطرتكم وعن صبغتكم وعن وجودكم وعن حياتكم وعن كرتكم وعن مرجعكم وعن ماضيكم حاضركم ومستقبلكم.. تكشف لكم عن خلقكم وعن هدف وجودكم في حاضركم وعما ستصيروا إليه في قادمكم..

0.29

ولكن دائماً، علينا أن نرجع إلى الأصل، ونرجع إلى التوجيه الحقي، الذي يحدثنا عن الإنسان، وعن قيمة الإنسان، وعن الأمانة التي حملها الإنسان، وعن الهدف من وجود الإنسان. لأن بالرجوع إلى هذه الأصول وإلى هذه المفاهيم الأساسية، يمكننا أن نقرأ ديننا قراءةً أكثر عمقاً وأكثر فهماً.

0.28

فما كانت العبودية لله إلا في البحث عن قوانينه وعن أسراره في هذه الأرض ، وعن أسباب وجودنا ، وعن أسباب ارتقائنا ، وعن أسباب علونا ومعراجنا . العبد لله الحق هو الإنسان الباحث عن الحقيقة ، الطالب للحقيقة ، الذي يسمع آيات الله فيتدبرها ، والذي يسمع أوامر الله فيتفهمها ، ويبحث كيف يقوم فيها ، وكيف يؤديها ، وكيف يكسب ما فيها ، كيف تغيره ، وكيف تبدله . يعرف أنه هو الأساس ، وأنه هو المطلوب ، وأن عليه أن يستفيد مما كشف الله له من أسرار .

0.28