خطبة الجمعه 15-01-2010
السيد علي رافع

فلا يستطيع إنسانٌ أياً كان ، أن يجعل من نفسه الداعي إلى الحق ، والذي لا يتبعه يكون من الضالين ، هذا أمرٌ لا يستطيع إنسانٌ أن يصف أو أن يضع نفسه في هذا المقام ، وإنما عليه أن يدعو بما يرى أنه الخير ، دون أن يكون حاكماً على نفسه بأنه الخير المطلق ، وعلى غيره بأنه الشر المطلق . هذه الاستقامة التي يدعونا إليها ديننا ، هي الأمر الوسط ، هي أن يكون الإنسان مدركاً لجميع الأبعاد على هذه الأرض ، فهو لا يفرط فيما يعرف و يدرك أنه الحق ، بل عليه أن يُبلِّغه ، وفي نفس الوقت لا يحكم على ما يُبلِّغه بأنه الحق المطلق . هذا التوازن بين الاستقامة في الدعوة ، وبين مراعاة الغيب ، هي ما يجب أن نكون عليه .

0.75

خطبة الجمعه 15-01-2010
السيد علي رافع

هذا ما نرى أن رسالة محمدٍ ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد جاءت به ، وهذا ما نرى أنه معنى الدعوة الشاملة ، الدعوة للكافة ، الدعوة لكل الناس ، لجميع الأجناس ، لكل إنسانٍ في أي مكانٍ على هذه الأرض . جاءت دعوة الإسلام لتحرر الإنسان من أن يكون عبداً لخرافةٍ أو لمقولةٍ أو لإنسانٍ آخر، إنما ألزمته أن يفكر بما أعطاه الله من طاقة للفكر وللتدبر وللتأمل.

0.6

خطبة الجمعه 15-01-2010
السيد علي رافع

ديننا يعلمنا ذلك ، فهو وإن أخبرنا بأن الذين يرفضون دعوة الحياة ويرفضون قانون الحياة ، إن ذلك مردودٌ عليهم لأنهم لا يكونوا في استقامةٍ مع ما هو أحسن وأفضل وأقوم ، إلا أن هذا أمرٌ مطلق ، لا يستطيع إنسان أن يحكم عليه . فإن إدراكنا لهذا المعنى هو أمرٌ مجرد ، لا يمكن أن ننزل به إلى مرحلة أو إلى مقام التقييد الذي يتحدد في أشكالٍ على هذه الأرض ـ في صورٍ ، في معتقداتٍ ، في انتماءاتٍ ، في عقائد ، في أجناس ، فيما نطلق عليه أدياناً مختلفة ـ لا يمكن أن ننزل بهذا الأمر المجرد إلى هذه الأرض المقيدة ، وإنما يكون هدفنا جميعاً أن نكون في معنى المتابعة لقانون الحياة ، وأن تكون دعوتنا إلى هذا الأمر في تجردٍ كاملٍ عن أي شكلٍ أو عن أي صورةٍ.

0.52

خطبة الجمعه 14-07-2000
السيد علي رافع

إنا نتحدث دائما عن الإسلام كدين الفطرة. كقانون الحياة. وهذه هي الدعوة التي جاء بها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. منذ أربعة عشر قرنا. "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" "أرسلت للناس كافة" دعوة للإنسان في أي مكان وفي أي زمان. في أي ثقافة وفي أي حضارة ولأي جنس. دعوة تخاطب الإنسان بما فيه من سر الله وفطرة الله وصبغة الله التي صبغه عليها. دعوة تدعو الإنسان أن يتدبر وأن يتفكر وأن يبصر ما في نفسه. "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" هذه الدعوة فوق أي شكل أو صورة. وقد ضربت لنا الآيات مثلا لهذه الدعوة. "قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا" دعوة الى التوحيد. دعوة الى إكبار الحق. الله أكبر. الله أكبر أن يكون في صورة أو أن يكون في فهم محدد. أو أن يكون في إنسان. أو أن يكون في هدف مادي. "لا يتخذ بعضكم بعضا أربابا من دون الله". لا يستطيع أحد أن يدّعي أن الله في جانبه وأن قانون الله هو ما يفهم هو. أو هو قانونه الذي يفرضه. "كلمة سواء بيننا وبينكم". هذه الكلمة هي ما تصل إليه الفطرة السليمة. تعالوا نتفكر ونتأمل ما هو هدفنا ما هو أملنا.

0.35

حديث الخميس 07-02-2002
السيد علي رافع

ما يجعل الإنسان يكون أرقى وأكثر قربا من الحقيقية. ما يجعله أكثر رقيا. ما يجعله يستطيع مواصلة الحياة بعد هذه الأرض. كل هذه المعاني هي قانون الحياة هي الإسلام بالمفهوم العام وبالمفهوم الشامل لكل هذه المعاني الحقية. الإنسان الصادق في أي دين كان. لن يرفض أن يقرأ ما جاء به القرآن مثلا. ولن يرفض أن ينظر الى ما يقوم به المسلمون ويتأمل فيما أُمروا به ويفهم منه شيئ. لو هو على حق ولو هو على صدق ولا يجب أن يظل على ما هو عليه من إسم ينتسب له في هذه الأرض ولكن سوف يقبل بدون أن يكون عنده حساسية في ذلك أن يتعلم من الديانات الأخرى ومن المعاني الأخرى ومما هو قائم على هذه الأرض. هذه الصفة الإنسانية التي نتحدث بها هي دعوة الإسلام في البداية أنها تدعو الناس جميعا لهذه المعاني الحقية تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا (64) (سورة آل عمران) هذه هي الدعوة الأساسية. وبعد ذلك يجيء الإنسان بصور مختلفة في تطبيقه لهذه الدعوة ليتعلم قانون الحياة كيف يرقى كيف يتحول من صورة الى صورة وهكذا.

0.33

خطبة الجمعه 15-01-2010
السيد علي رافع

ولكننا نرى في مجتمعاتنا أن الناس قد انحرفوا عن هذه الدعوة الشاملة ، إلى دعوةٍ مقيدة ، إلى دعوةٍ محدودة ، إلى تقييد ما لا يُقيَّد . هذه الرحمة الشاملة التي جاءت بها رسالة الإسلام ، لتدعو الناس جميعاً إلى قيمٍ روحية وإلى قيمٍ حقية ، لا يستطيع إنسانٌ أياً كان في أي مكان أن يرفض هذه القيم ، جاءت هذه الرسالة الحقة لتُثبِّت هذه القيم وهذه المعاني ، في معنى شهادة أن لا إله إلا الله ، وفي معنى أن الإنسان خليفة الله على هذه الأرض ، وفي معنى حرية الإنسان الكاملة ، وفي معنى أن هناك قانوناً حاكماً لهذه الأرض ، وأن على الإنسان أن يبحث عن هذا القانون ، وأن يبحث عن الأسباب التي تجعله حياً والتي تجعله في معنى العبودية لله حقاً .

0.33

خطبة الجمعه 12-04-2013
السيد علي رافع

لذلك، فإن الدعوة التي تقوم على تقديس إنسانٍ أياً كان، في حاضرٍ أو في قديم، دون وعيٍ ودون فهم لما يقوله هذا الإنسان، وتطبيقه على الواقع ـ فإن هذه الدعوة، ليست هي الدعوة التي أُمِرنا بها في ديننا، الدعوة المبنية على العقل، وعلى صالح الإنسان وخير الإنسان.

0.32

حديث الخميس 18-10-2001
السيد علي رافع

إنما الدعوة الحقية العقيدة الحقية هي أن يتحرك الإنسان من داخله ويشعر أن هناك شيء يطلبه وأن الدنيا ليست نهايته وأن هذه ليست الهدف وأن هناك أكبر وأن هناك ما وراء هذه الدنيا وأن الإنسان عليه أن يستقيم على هذه الأرض في كل معاملاته وفي كل سلوكه وفي كل ما يقوم به من أمور ويتحدث به من أحاديث ويفكر به من أفكار وينفعل به من إنفعالات. كل هذه المعاني لها دلالات ولها أثر على حياته الروحية وعلى قيامه الروحي. هذه هي الدعوة الأساسية أن يتحرك الإنسان من داخله وأن يدرك هذه المعاني أن يبحث عما يجب أن يفعله على هذه الأرض. وهنا تجيء التوجيهات ويجيء التشريع ويجيء السلوك ويجيء ما يجب وما لا يجب نتيجة إنفعاله بأن هناك هدف يريد أن يحققه الإنسان وهذا ما نجده في رسالة الإسلام حتى في الرسالة المحمدية في ترتيبها أو في ترتيب الأحداث التي جاءت بها. التركيز في البداية. في بداية الدعوة يكون دائما على العقيدة. كل الدعوة في بدايتها كانت عن العقيدة. عقيدة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. هذه هي الأساس. كما نقول دائما هذا هوالمفتاح وهذا هو الحصن وهذا هو المدخل الذي ندخل منه. هاتين الشهادتين هما اللتان تحققان للإنسان الإدراك المستقيم والسلوك المستقيم أيضا ونتحدث في ذلك كثيرا. لأن شهادة أن لا إله إلا الله تحرر الإنسان من أن يكون عبدا لأي شيء هذه أول نقطة.

0.32

خطبة الجمعه 27-04-2001
السيد علي رافع

محاولة الإنسان أن يستقيم كما أُمر هي أقصى ما يمكن أن يفعله.. فالإنسان لا يملك على هذه الأرض إلا أن يحاول وإلا أن يجتهد وإلا أن يقترب.. ولكن لا يستطيع أن يقول أنه قد وصل الى ما لا يمكن أن يترقي بعده.. وأن هذا هو منتهى الإستقامة.. هذا أمر غير وارد في قيام الإنسان وفي معراجه الدائم في طريق الله.. بل أنه ليس وارد في أي قضية على هذه الأرض ولا ما بعد هذه الأرض.. فقانون هذا الكون هو (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ(76)(سورة يوسف) " وما من كمال إلا وعند الله أكمل منه" والله أكبر دائما.. فمحاولة الإنسان هي الإستقامة كل الإستقامة.. أن يحاول وأن يفكر ويتدبر وأن يستفتي قلبه.. وأن يُعمل كل ملكاته وأن يدعو ربه.. هذه المحاولات هي الإستقامة التي يمكن أن يكون عليه الإنسان.. إن من قصر النظر ومن محدوديته أن يعتقد الإنسان أن كل قضية لها حل واحد هو الصحيح.. فالحق هو أمر نسبي.. بالنسبة للإنسان على هذه الأرض.. لأننا نتكلم عن الحق في تجليه فيما هو قائم على هذه الأرض من موجودات مقيدة ولا نتكلم عن الحق المطلق اللانهائي.. فطالما أن الإنسان له عقل وله قلب وعنده علم وإحساس.. وهذا كله تكوّن من شق وهبي ومن شق كسبي.. فتفاعله مع الأمور يتناسب مع هذا الذي هو عليه.. ونظرة كل إنسان تختلف عن الآخر.. ورؤيته تختلف عن الآخر.. ومن هنا ندرك أن القضية هي قضية ترجع الى الإنسان ومحاولته الدائمة كما سبق أن أشرنا..

0.32

حديث الخميس 31-10-2002
السيد علي رافع

ولكن فكروا أولا فيما تحمل هذه الرسالة من معاني ومن قيم ومن حقائق فكروا فيها بعمق ولا تأخذوا الأمور بمجرد أنها أمور تكليفية وظاهرية وشكلية فقط فكروا أن لم تقم الدعوة هكذا من المسلمين. فهذا الذي حدث هو في واقع الأمر نوع من أنواع. قد يرى الناس. هذه وجهة نظر. نحن لا نقول أيضا إن هذه الوجهة التي نقدمها هي الحق المطلق وإنما هي وجهة نظر ممكن أن يكون لها ما يسندها من ما هو بين أيدينا من آيات الله ومن سنة رسول الله إنما الوضع الآخر اللي حصل الناس أخذت زاوية ضيقة جدا لمفهوم الإسلام وقللت من شأنه بأن جعلته في مقابل الآخر واعتبرت أنها بهذا تكبره وأنها بهذا تقدره وهي في واقع الأمر لم تقدره حق قدره في واقع الأمر في نظرنا ومن نظرنا قد نكون مخطئين وقد يكونوا هم على صواب إنما نحن نقدم ما نعتقد أنه الحق أن الدعوة الإسلام لا تكون بهذه الصورة وإنما تقوم بفهم أن الإسلام للناس جميعا وأن الإسلام للبشر جميعا أنه مفاهيم قبل أن يكون شكل أنه رسالة للإنسان في أي مكان وفي أي زمان وهذا ما جاءت به الآيات وما جاءت به الأحاديث أنه رسالة كافة وعامة للبشر جميعا ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وأن هذا قضية كل إنسان وأن كل إنسان هو مسئول عن قيامه وعن سلوكه وعليه أن يقدر إن كان يقدر هذه المعاني فليقدرها إن كان لا يقدرها فهذه قضيته ( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (29)(سورة الكهف).

0.32

خطبة الجمعه 26-06-2009
السيد علي رافع

ونُعرِّف أكثر معنى " أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا " ، في معنى " وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ " ، نجد أن هذا هو المسلك ، وأن هذه هي الدعوة ، وهذه الدعوة هي تُعبِّر عن معنى ما يجب أن يكون الإنسان عليه في هذه الأرض .

0.31

حديث الخميس 25-12-2003
السيد علي رافع

أو أن يكون هناك صورة معينة يستطيع الإنسان أن يتجمد عندها هي ضرب من الخيال وإنما هو في واقع الأمر كل إنسان له طريقه وكل إنسان له وسيلة التي يريد بها أن يحقق بها غايته بتفاعله مع إمكاناته وقدراته. هذه دعوة للصدق ودعوة للإنسان يبحث عن الحقيقة ويقرأ كتابه ويقرأ آيات الحق له ويتأمل فيها بعمق حتى تتحول هذه التأملات وهذه القراءات إلى واقع فيه هو ليساعده على أن ينمو روحيا وأن يكون أكثر قدرة على استمرارية الحياة بعد هذه الأرض وهذا هو ما يدعو إليه الله ورسوله. الله ورسوله يدعوكم لما يحييكم فلما لا تستجيبوا إليه. هنا هذه هي الدعوة الحقية الدعوة الإسلامية الدعوة الفطرية الدعوة الروحية سميها ما شئت إنما هي دعوة أن يكون الإنسان أكثر صدقا في عمله وفي تفاعله وفي كل ما يعرض له.

0.31

حديث الخميس 02-11-2017
السيد علي رافع

فمن هنا، الاستقامة في المفهوم، والاستقامة في الفعل، والاستقامة في الدّعوة، والاستقامة في كلّ مناحي الحياة، هي أساسها التّوازن بين الغيب والشّهادة.

0.31

خطبة الجمعه 04-09-2009
السيد علي رافع

فمتى يحين الوقت الذي تفتح فيه هذه الكتب ؟ والذي تنشر فيه هذه الدعوة ، التي جاءت بأمورٍ لم تدركها البشرية إلا منذ سنين قلائل ، في معنى الإنسان ، وفي معنى الإسلام كقانونٍ للإنسان ، في رقيه الحقي ، في مخاطبة الإنسان في أي مكان ، في أن يقرأ ، وفي أن يفكر ويتفكر ، وفي أن ينقي عقيدته من الشوائب ، وفي ألا يتخذ الإنسان إنساناً رباً ، "... لَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ..." [آل عمران 64] ، إن هذه الكلمة كافية لتعليم الناس كيف يكونوا في استقامةٍ في طريق الحياة ، إن هذه الكلمة تكبر قدر الإنسان ، وتخرجه من أن يكون عبداً لأي خرافةٍ ، أو لأي طاغية ٍ، أو لأي شكلٍ ، أو لأي صورةٍ ، إنما تجعله عبدا لله .

0.31

خطبة الجمعه 15-01-2010
السيد علي رافع

هناك من سيستجيب لهذه الدعوة ، وهناك من سيتجنبها ، وهذا واقعٌ علينا أن نتقبله ، وفي النهاية علينا أن نكون من المسلمين الذين يتقبلون حكمة الله ، وقضاء الله ، وما أقام عليه العباد في كل ألوانهم وفي كل أشكالهم . وقبول الآخرين على ما هم عليه أياً كانوا ، هو سلوكٌ إسلاميّ فطريّ حقيّ ، لأنهم خلق الله . وفي نفس الوقت لا تعني الدعوة لهم بما يراه الإنسان المسلم ، لا تعني هذه الدعوة إن رفضوها ، أن تخلق عداوةً أو أي صورةً من صور الكراهية أو الاعتداء ، أياً كان حالهم وأياً كان قيامهم .

0.3

خطبة الجمعه 26-04-2002
السيد علي رافع

لا يكون إقتدائه تقليدا دون وعي ودون فهم وإنما يكون بالله. وكونه بالله يحرره من أن يكون تقليدا أعمى أو شكلا أجوف (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا (64) (سورة آل عمران) دعوة إلى التأمل والتفكر في مقصود الإنسان على هذه الأرض. وفي هدف وجوده على هذه الأرض. دعوة الإسلام. دعوة لكل إنسان. ولكننا للأسف حوَّلنا هذه الدعوة إلى أشكال وصور. وقلبنا الآية. وجعلنا ما هو خاص عام. وجعلنا ما هو عام خاص. فدعوة " لا إله إلا الله" هي دعوة عامة موجهة إلى كل الناس. ومن شهد أن لا إله إلا الله خالصة بها قلبه كان في معنى الإسلام. وهذه هي البداية. ويجيء بعد ذلك كل العبادات وكل المناسك وكل المعاملات في أشكالها المختلفة. كرسالة موجهة للإنسان. وشهادة أن محمدا رسول الله هي التي تعبر عن ذلك. تعبر عن أن كل ما قام به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه كان رسالة للبشرية. حملها متابعوه لتكون قائمة دائمة على هذه الأرض. دعوة الإسلام تدعو الناس في كل دين. ونحن نستخدم كلمة الدين هنا للتعبير عن واقع. إنما الدين في مفهومه الحقيقي هو دين واحد وهو قانون واحد وهو قضية واحدة. إنما نستخدمها كما يستخدمها الناس اليوم لكل دين لكل حضارة لكل جنس. يدعوه أن يشهد أن لا إله إلا الله مهما كان حاله ومهما كان قيامه ومهما كانت عقيدته فليفكر في هذه الشهادة وليتأمل فيها هل يريد أن يكون حرا أم أن يكون عبدا لطاغية أو عبدا لمادة أو عبدا لفكرة أو عبدا لمعتقد لا يرى فيه صدقا ولا عقلا.

0.29

حديث الخميس 30-03-2017
السيد علي رافع

ونحن في أحوالٍ كثيرة نقول أنّ الإنسان عليه أن يكون صادقاً مع نفسه، فعليه أن يدعو الله بأن يرزقه ما يرى هو فيه أنّه الخير؛ لأنّ هذا ما يعلمه، ويكون في قرارة نفسه أنّه إن لم يتحقّق له ذلك، فإنّه يعلم أيضاً أنّ الله أعلم به. فيوفّق في هذا الحال ما بين الأمرين وبين الحالين، بين أن يدعو، وبين إدراكه أنّ الله يعلم ما هو أفضل له. فيستمرّ في دعائه بما يرى أنّه الخير، ويستمرّ في قبوله لما هو قائمٌ فيه.

0.29

حديث الخميس 11-07-2002
السيد علي رافع

وهذا ليس صحيح فربما يكون هناك فهم خاطيء مترسخ في ذهن البعض ويظل يردده دون وعي ودون فهم لأنه معتقد أنه الصواب. لذلك نحن نقول دائما وننبه الى ذلك أن ليس كل كلمة تقال من الإخوان أو مننا أيضا يعني أنها الحق المطلق. هذا ليس صحيح. كل إنسان عليه أن يفكر ولا يقول أنا مبتديء. لأ هو له عقل ويستطيع أن يميز بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين ما هو منطقي وبين ما هو ليس كذلك. وأي كلام غيبي لا يجب أن يردده الإنسان دون وعي. وإنما يجب أن يردد فقط ما يدركه هو. وهناك كثيرون في الساحة ليس في الطريق فقط ولكن في أماكن مختلفة الأن ممن يدعون العلم بأشياء لا يملكون عليها برهان كامل وإنما هى محض نظريات يظنونها ويدعونها ويعتقدون أنها الحق المطلق ويسير الناس أيضاً وراءهم وهذا خطر لكل إنسان ولكن للأسف الثقافة والعلم والتعليم الأساسي لا يعلّم الإنسان كيف ينقد وكيف يقلب الأمور على وجوهها وكيف له حرية الفكر وكيف يعتقد ولا يعتقد يؤمن ولا يؤمن يرى شيء أنه الصواب ويرى شيء آخر أنه خطاء إنما فى كثير من الأحيان يكون الإنسان أسير لكل إنسان يدعي أنه على صلة بالغيب أو أنه يعرف طريقة غيبية أو أن يعرف قدرة لا يعرفها هو أو حتى بظن العلم أنه يعلم ما لا يعلم وأن هذا مثبت علميا في بعض الأحيان ناس تدعي هذا.

0.29

حديث الخميس 02-11-2000
السيد علي رافع

كذلك أيضا حين نتكلم نحن أيضا بالعقل أو بالتأمل أو بالتفكر.. هذا أيضا له جانب إيجابي ولكن أيضا له جانب سلبي.. وهو أن يفقد الإنسان تذوق القلب أو ذكر القلب.. لذلك فإنا نجد أن الإستقامة شيء فيه جهاد ومجاهدة حتى يجعل الإنسان وجوده في الطريق القويم.. لا يفرط في نعمة من نعم الله التي أنعم بها عليه.. وهذا ما نتحدث عنه في أن كل ما أنعم الله به على الإنسان يجب أن يستعمله.. أعطاه عقل يتأمل به.. وأعطاه قلب يذكر به.. وأعطاه جسد يتحرك به ويعمل ويجاهد.. بالتوازن بين هذه الأمور المختلفة وبين هذه النعم المختلفة التي أعطاها الله للإنسان يكون الإنسان أو يسير الإنسان على الطريق القويم.. وهذا مطلب يطلبه الإنسان باستمرار في كل صلاة "إهدنا ا لصراط المتسقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين".. لأن هذا الطلب هو سر الحياة.. وسر الإستقامة وسر السلوك المستقيم.. والإنسان لا يأمن ولا يركن الى نفسه.. فقد تأخذه.. أو يأخذه إتجاه معين.. ويفرط في الإتجاهات الأخرى.. ولذلك وجب عليه أن يكون في دعاء دائم وفي طلب دائم لله أن يهديه الصراط المستقيم.. أن يجعله دائما مُعملا لما أعطاه الله فلا يفرط في أمره لا يكون فيمن قيل فيهم "وكان أمره فرطا".. وإنما يكون فيمن قيل فيهم "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه" أن يكون من الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريد وجهه..

0.29

حديث الخميس 14-11-2002
السيد علي رافع

نحن دائما نريد أن نقول أن العقل هنا وأن التأمل وأن التفكر وأن التدبر هو قراءة مستمرة في حقية موجودة بين أيدينا علينا أن نتعلمها وعلينا أن نتفكر فيها وعلينا أن نتدبرها ونعلم أن هناك دائما أن حدود لأفكارنا أن ليست أفكارنا هي المنطق المطلق للحق إنما هناك حدود دائما وقدرات لكل إنسان تختلف من إنسان لإنسان لذلك نقول أن الإسلام هو منهج وليس هو شكل وهناك فرق كبير بين أن نتبع منهج وأن نقوم في شكل إذا أردنا أن نتعلم المنهج فالمنهج هو المحاولة المستمرة للمعرفة الإدراك التام والتسليم التام لقانون الحياة الذي يحثنا عليه أننا نعرف تماما أننا عبادا لله ولسنا فأنت لا تستطيع أن تغير في قانون الحياة ولكن تستطيع أن تتعلمه وتستطيع أن تعرفه فإذا عرفته إستطعت أن تستفيد من هذه المعرفة في تدبير أمرك وفي تعمير أرضك وفي تحسين حياتك وهذا هو نوع من العبادة في الله الذي نقول دائما عنه أن العمل عبادة من هنا تصبح القضية هي في إدراكنا أن كل ما نقوم به على هذه الأر ض في بحث عن الحقيقة وفي محاولة لأن نتعلم أكثر في هذه الحياة هو عبادة وهو سلوك في طريق الحق وفي طريق الحياة هذه المحاولة الدائمة هي الجهاد هي معنى أن يكون الإنسان في جهاد في الله لأنه لا يتوقف عن المعرفة ولا يتوقف عن البحث عن الحقيقة وإنما يحاول دائما أن يجد معاني تساعده في حياته الحقية. نجد أن هذا المعنى مع بساطته ومع أن الله قد أعطى الإنسان هذه الحرية أعطاه فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (29)(سورة الكهف) أعطاه حرية كاملة يوم خلقه في هذا الكيان الى أن الإنسان لا يريد هذه الحرية فنجد أن الكثيرين تجمدوا في أفكار وفي قوالب لا يستطيعوا منها فكاك وهذه هي أزمة المجتمع الإسلامي في هذا الوقت أن الذين يقومون على أمر الدين أو الذين ينسبون أنفسهم الى علماء الدين كثيرين منهم لا يستطيع أن يفكر بعقل مستنير ويتعامل مع الأصول الحقية بفكر مستنير وإنما هو يقلد السابقين ويردد أقوالهم وتفسيراتهم التي فسروها والتي قالوها في سابق ولا يستطيع أن يخرج من هذه المفاهيم القديمة هذه المفاهيم القديمة لا نعني أنها خطأ كل الخطأ كما قلنا ولا يعني أن ما نفهمه نحن أو ما نتأمل هو الصواب كل الصواب وإنما الأساس دائما أن كل عصر (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) لان العلماء هم الذين يستطيعون أن يتعاملوا مع الأصول ويستطيعوا أن يتفهموا هذه الأصول ويستطيعوا أن يلبوا حاجة المجتمع وأن يعرفوا كيف يكونوا مدركين للمعاني بصورة لا تقيد حركة الى الأمام أو خير يروه أو أفضل يدركوه كما قال السابقون قل لي أين مصلحة الناس أقول لك أين هذا شرع الله في أن دائما لا بد أن تكون هناك مفهوم يؤدي الى هذه القضية طالما ظهرت واضحة وجلية أن فيها صالح الأمة وصالح المجتمع هناك دائما إشارة أو على الأقل أنه لا يمكن أن يتعارض مفهوم حقي مع هذه القضية.

0.28

حديث ما بعد جلسة الأربعاء 17-12-2003
السيد علي رافع

كما إستمعنا في الآيات التي ذكرت وهي موجهة بمعاني لنا جميعا وإن كانت موجهة الى الرسول عليه الصلاة والسلام إنما هو وكما نتعلم أن أي حديث موجه هو موجه للإنسان الطالب للحقيقة والباحث عنها فهنا كان الحديث عن ما يقوم به الإنسان ليتعرض لنفحات الله وليقترب من الحقيقة الكلية وبيعطي له في هذا المجال معنى قيام الليل ومعنى قراءة ما تيسر من القرآن ومعنى بعد ذلك أيضا الصلاة ومعنى الزكاة كل هذه المعاني هي في واقع الأمر ييؤمر بها الإنسان لأنها محاولة من الإنسان لآن يكون أكثر قدرة بعد هذه الحياة أن يستمر في رقيه وفي معراجه وهذا هو القانون الحقي الذي تكشفه الأديان والذي كان الرسول مثلا وقدوة لنا في إتباعه وهذا هو معنى العبودية لله الحقيقي لأن العبودية لله كما نتعلمها هي الإسلام والتسليم لقانون الحياة وإدراك أن هذا القانون هو السبيل الى الرقي والى الحياة الحقية فالإنسان أراد أو يشاء أن يتخذ الى ربه سبيلا فعليه أن يتبع القانون الإلهي في هذا المجال وفي هذا الدار الذي وضعه وكشفه الدين بالنسبة للإنسان وهنا حين نجد الآيات بتوضح أن مع فعل الإنسان ومع بذل الإنسان من جانبه أو مجاهدته لنفسه وذكره بقلبه وتعرضه لنفحات الله بعبادته إلا أن كل ذلك لا يكون إلا بأن يفهم الإنسان أن القضية هي رحمة من الله وأنه توفيق من الله أن يأخذ بيده ويخرجه من هذا الذي هو فيه وأنها ليست قضية ميكانيكية بأنه يفعل شكل معين أو صورة معينة فيكون بذلك قد حقق الهدف من فعله أو من عبادته زي ما بيتصور البعض ومن هنا بنجد أنه المعنى الذي أشار إليه الحديث أنه(إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا(19)( سورة المزمل) ليس القضية قضية قهر يعني قهر على العبادة مثلا تصور القهرعلى العبادة أو القهر على أن يسلك مسلك معين ويتصور الإنسان أنه بيهدي الإنسان الآخر بذلك هذا لا يخلق إنسان صالح في واقع الأمر لأن في هذه الحالة هو بيخلق منافق فإذا كانت العملية هي عملية قوة من الحكومة مثلا أو من أي جماعة لقهر الناس علي أن يسلكوا مسلكا معينا أو أن يلبسوا لباسا معينا أو أن يقوموا في الصلاة بصورة معينة كل هذه المعاني هو يستطيع أن يفعل ذلك إذا أراد ولكن ما قيمة كل ذلك إذا كان الإنسان من داخله رافض لكل هذه الأمور وهو مقهور عليها ما هو تأثير الفعل الإنسان مقهور علي أن يفعل.

0.28

حديث الخميس 06-01-2000
السيد علي رافع

الشيطان يقول للذين إتبعوه "ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم" "ويوم يتبرأ الذين إتُّبعوا من الذين إتبَعوا" فهنا مسئولية الإنسان هي قضية أساسية. لا يستطيع أن يهرب منها الإنسان أو يتهرب من هذه المسئولية. وعليه أن يعقل كل ما يفعله وكل ما يقوم فيه. قد يكون ذلك. أو ما يصل إليه هو بعقله. قد لا يكون الصواب. ولكنه بالنسبة له هو الصواب لأنه أعمل ما أعطاه الله من قدرات ومن إمكانات. ولا يجب عليه في هذه الحالة أن يأخذ بما وصل إليه. فهو إن كان في خشية مع الله لا يستطيع أن يعمم ما وصل إليه على الآخرين وإنما هذه قضيته وما يصل إليه هو في قضيته هو خاص به. لذلك نجد حين يختلف الناس في قضية من الذي له حق أن يجتهد وأن يتكلم في الدين. هم يتكلموا عن الذي يتعرض لهذا الحديث على الملأ وعلى الجميع. ولهم في ذلك حق. فالإنسان قد يصل الى نتائج خاطئة إذا لم يكن عنده المعلومات الكاملة والمعاني المختلفة. ولكن بالنسبة للإنسان نفسه هو عليه أن يوسِّع مداركه وفي نفس الوقت أن يجتهد حتى يقوم فيما يرى أنه الحق وأنه الصواب لأن هذا أمر أساسي. فليست القضية هي أن يتبع شكلا أو فهما جاء به آخرون دون أن يعقله هو. هذه نقطة أساسية لا يجب أن يقوم فيها. هنا الدين يفرِّق في هذه الجزئية ويصف حال هؤلاء "إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتفون" فهنا الذين يتبعون بهذه الصورة أو بهذا التقليد الأعمى هم لم يُعملوا ما أعطاهم الله من نعمة.

0.28

حديث الخميس 29-09-2016
السيد علي رافع

ونحن نبدأ عاماً هجريّاً جديداً، هو يومٌ ككلّ يوم، إلّا أّنّ ما حدث فيه هو تعبيرٌ عن قضيةٍ دائمةٍ على هذه الأرض. وهذه القضية هي الدّعوة إلى الحقّ، الدّعوة إلى الحياة، الدّعوة إلى أن يحترم الإنسان ما أعطاه الله من عقل، وما أعطاه الله من طاقة للذّكر، وطاقة للعمل، وألّا يفرّط في هذا العطاء، فيتّبع ما لا يُعقل، ويبذل طاقته فيما لا ينفع، ويملأ قلبه ـ بدلاً من ذكر الله ـ يملؤه بطاقةٍ ظلمانيّة، من كراهيةٍ أو حقدٍ أو حسدٍ أو أيّ صفةٍ من هذه الصفات.

0.28

حديث الخميس 22-10-2015
السيد علي رافع

فلذلك، الإنسان عليه أن يحدد موقفه من أمور كثيرة، ويحاول أن يدفع بما يرى هو أنه الخير، هذا لا يعني أن ما يعتقد هو أنه الخير، أنه الخير المطلق أو أنه الحق المطلق، وإنما بالنسبة له هذا هو الحق المطلق، بالنسبة له هذا الحق الذي يدركه، ده انعكاس الحق المطلق ـ بمعنى أصح ـ في أمرٍ هو يدركه، ويتصور ويعتقد أنه الحق الذي يطلبه.

0.28

خطبة الجمعه 15-01-2010
السيد علي رافع

فالناس لا تفرق بين الدعوة إلى الكلمة السواء ، وبين قبولها أو رفضها ، الدعوة أمرٌ مطلوبٌ من الإنسان " فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَىٰ ، سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَىٰ ، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ ، ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ " [الأعلى 13:9] ، قد يفهم بعض الناس أنهم بهذا يمكنهم أن يحكموا على الذين لا يقبلوا دعوة الإسلام ، إن هذا الأمر ليس من اختصاص الإنسان ، فهو عليه أن يترك هذا الأمر لله ، ولا يحكم هو به ، فهو غير مُطَّلعٍ على ما في سرائر الناس ولا ما هو في عقيدتهم ، وهو قد لا يكون داعياً إلى الإسلام بالمفهوم الصحيح ، الذي يجعل الرافض له هو في هذا المعنى ، " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ... "[يوسف 53].

0.28

خطبة الجمعه 22-01-2002
السيد علي رافع

كما قلنا في المقام الأول. ولكن الرسالة الموجهة الى هذه الأرض كيف لا يقبلوا إنسانا في لحظة ما الظلم والظلام وكيف لا يقولوا للظلام لا وألف لا. فليجاهد إذن ولا يستسلم لأنه أصبح في موضع يجب عليه فيه أن يبلّغ هذه الرسالة وأن يكْملها. كي يعرف الناس بعد ذلك ماذا حدث. هذا جانب نتعلمه. وفي نفس الوقت في الجانب الآخر نجد موقفا آخر. نجد أن من أهل البيت بعد ذلك من إلتزموا دورهم وأخذوا يعلمون الناس في أمر وجودهم وفي أمر دينهم. دون أن يلجأوا الى هذا الصراع والى هذه الحرب. إنه جهاد من نوع آخر. إنه جهاد العلم. جهاد التعليم. جهاد التنوير. وقد قاموا في حال أنهم عليهم أن يبلغوا هذا العلم وأن يفقهوا الناس في دينهم وفي حياتهم وسلوكهم. إنفعلوا بهذا الحال فقاموا في هذا الحال. ليس هناك صورة واحدة للجهاد والمجاهدة وإنما هي صور متعددة يلتزم الإنسان بالصورة التي يكون صادقا فيها مع ربه وصادقا فيها مع قلبه. ماذا يستطيع أن يقدم وماذا يستطيع أن يفعل؟ من هنا نتعلم أن الأساس في المجاهدة والجهاد وفي السلوك والعمل أن يكون الإنسان صادقا فيما يعتقد وألا يفرط في صدقه. وهذا هو الحال الذي يجب أن يلتزم به الإنسان. لا أن يكون مجرد مقلد لحال سبق أن قام فيه إنسان أفضل. ربما لا يكون هو في مثل هذا الحال وربما لا يكون هو قادرا أن يقوم في مثل ما قام فيه هذا الإنسان.

0.28

خطبة الجمعه 13-06-2003
السيد علي رافع

فقبول الإختلاف هو أساس من أسس الإستقامة في السلوك وفي التعامل مع الآخر. لا يمكن أن يستقيم الإنسان في سلوكه وله نظرة أحادية لا تستطيع أن ترى الآخر وإنما تصر على نظرتها وعلى مفهومها بصورة مطلقة. هذا ما نوجِه إليه وما نعتقده من أن كل إنسان يختلف مع الآخر نظرا لقراءته ولعلمه ولكيانه ولتكوينه ولإستعداده ولملكاته ولقدراته. فكل إنسان يتميز عن الآخر. كل إنسان له ما يميزه. كل إنسان متفرد. ولا يوجد إنسان كإنسان. قد تجمع بعض الناس صفات مشتركة ومفاهيم متحدة. ولكن لا يعني ذلك هو التطابق الكامل بين مفردات وأفراد هذا الجمع. وكلُُ له رؤيته وله قدرته. فلا يتصور أن يكون الناس المنتمون لكل دين هم صور متطابقة. وإنما يتباينوا ويختلفوا. من هنا فلا نتوقع مثلا أن نكون في مجتمع إسلامي الكل فيه سواء. وإنما قد يختلف إنسان عن إنسان. وهذا وارد وهذا قائم. وكذلك الحال في أي مجتمع آخر. في مجتمع مسيحي أو يهودي أو بوذي أو هندوسي يختلف الناس ويتباينون. دور الإنسان في أي مكان كان هو أن يدعو لما يعتقد. وقد يجتمع عليه من يروا في دعوته ما يعتقدونه أيضا كخطوط عريضة يتفقوا عليها. وقد يجيء الى هذا الداعي من مجتمعات أخرى من يروا الأمر كذلك. فالدعوة مستمرة. كلُُ يدعو بما يرى أنه الحق. وإذا كان الإسلام قد دعانا الى أن ندعو بذلك.

0.28

حديث الخميس 18-05-2000
السيد علي رافع

وهو أمر مستحب. لأنه يُكمل الصورة من جوانبها المختلفة. وليس المطلوب أن يفهم الناس جميعا فهما مكررا ونمطا ثابتا. وإنما الطبيعي أن يختلف الناس وأن يتفرد كل إنسان بفهمه. ولكن النقطة هي أن يكون هذا الفهم مبني على إستدلال سليم مما هو بين يدي الإنسان من مفاهيم وآيات وتعاليم مختلفة. وهذا ما يجب أن نكون عليه. فكما نتذاكر دائما ونتأمل في المنهج في الدين. فنقول أن الدين هو منهج قبل أن يكون شكل. طريق قبل أن يكون صورة معينة يقوم فيها الإنسان. أهمية المنهج هي أنها تؤدي الى الهدف الأسمى وإن إختلفت الطرق. ولكن المنهج واحد وهو إعمال ما أعطى الله الإنسان من طاقات وإمكانات. والتدبر فيما جاء به إليه. هنا الأمر القرآني في أول الدعوة وفي أول الآية بُلّغ بها رسول الله هو "إقرأ" لأن القراءة هنا هي قراءة الكون. والتعلم ما في الكون من آيات ومن مفاهيم. هذا الأمر هو تدبر بعد ذلك. وهو الربط بين معاني مختلفة حتى يصل الإنسان الى ما يجب أن يكون عليه. فإذا تأملنا في هذه الآية "إقرأ باسم ربك الذي خلق" فهنا إشارة الى الخالق. وإشارة الى أن يؤمن الإنسان ما أودع الله فيه من طاقة ومن سر.

0.28

خطبة الجمعه 21-02-2014
السيد علي رافع

هذا، ما نقرأه في آيات الله لنا، لا نقول أنه الحق المطلق، وإنما هي رؤيةٌ مختلفةٌ عما عليه الكثيرون. نعتقد أن بهذه الرؤية التي ــ في واقع الأمر ــ لا تفرض صورةً على أي إنسان، وإنما هي كل ما تقوله: ألا يفرض أي إنسانٍ صورةً على الآخر، وأن تعاونهم يجب أن يكون فيما هو صالح مجتمعهم، وأن الدين هو في قلب كل إنسان، في علاقته بربه.

0.28

خطبة الجمعه 29-04-2011
السيد علي رافع

مفهوم الإنسان في دينه، في أموره الخاصة، هذا أمرٌ، هو مسئولٌ عنه، لا يمكن لأحدٍ، أن يفرض على الإنسان صورةً معينة، لمفهومٍ، أو لشكلٍ، أو لصورةٍ يجب أن يقوم فيها، لا يستطيع إنسانٌ، أن يحكم حكماً مطلقاً، على إنسانٍ آخر، إنما يكون ذلك، بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، بالتعليم، والتثقيف، والدعوة.

0.28

حديث الخميس 11-04-2002
السيد علي رافع

وهذا هو الذي نراه أو الذي نعاني منه جميعا. في هذه الحالة فالإنسان عليه أن يلجأ الى الله وأن يتجه الى الله بالدعاء والرجاء. ونحن نتذاكر دائما في ذلك من ناحية التقييد ومن ناحية الفعل ومن ناحية الواقع الإستقامة من جانب الإنسان هو في أن يرفض هذا الظلم وأن يرفض هذا الظلام بأي صورة من الصور. لأنه هذا هو الصدق إذا أراد أن يكون صادقا مع نفسه ومع فطرته ومع ما يرى أنه الخير سوف يجد أنه لا يرى في ذلك الخير وإنما يرى الخير في أن يعم السلام وأن يعامل الإنسان الإنسان بالصورة الكريمة وأن يكون هناك حق وأن يكون هناك عدل وأن يكون هناك إستقامة في التصرف في كل جانب. إذن إحنا بندخل في الموضوع الدائم وهو إدراك الحقيقة أنها فاعلة وأنها قائمة وأن العدل المطلق قائم ولكن نحن نتكلم في حياتنا الأرضية على عدل نسبي وليس على المطلق فيما نراه وفيما نشهده من ظروف ومن أحداث ومن أمور مختلفة تمر علينا. رفض هذا الواقع الذي نرى فيه ظلم لا يتعارض مع المفهوم المطلق. لأنه التصرف في الواقع كما نشرح ذلك دائما الإنسان هو أداة فيه كما أن الشر أداة فيه. كل الكائنات أدوات في هذا الكون. وكلُُ يلعب دوره. أنت عليك أيضا أن تلعب دورك. ودورك أن تدفع بالتي هي أحسن وأن تدعو بالذي هو خير.

0.28

حديث الخميس 02-11-2017
السيد علي رافع

والاستقامة تحتاج إلى فهمٍ وإدراكٍ لمعنى وجود الإنسان على هذه الأرض، أو أن يكون للإنسان فهمٌ لما يجب أن يكون عليه على هذه الأرض، وهذا هو الأصحّ أو الأوفق في التّعبير؛ لأنّ ليس هناك فهمٌ واحد لكلّ إنسان عن معنى وجوده، ولكن يمكن أن يكون لكلّ إنسان فهمٌ عن معنى وجوده فيما يخصّه وفيما يناسبه.

0.28

خطبة الجمعه 28-08-2009
السيد علي رافع

رسالة محمدٍ - صلوات الله وسلامه عليه- هي للناس كافةً ، ليعرفوا قانون الحياة بصدق ، دون أن يكون لأي اسمٍ لدينٍ ، عائق من أن يفهم الإنسان المعنى الذي جاءت به هذه الرسالة ، وإذا كان يجب أن نطلق اسماً على هذا المنهج ، فقد سماه الله الإسلام ، هذا المنهج الحقي ، الذي هو قانون الحياة ، والذي يتعالى عن أن يُحصَر في شكلٍ أو في صورةٍ أو في فئةٍ من الناس .

0.28

حديث الخميس 12-12-2002
السيد علي رافع

ومن هنا نقول دائما أن الإنسان عليه أن يكون صادقا في ذلك وليس هناك أبدا أي ضغوط خارجية عليه حتى يسير في طريق أو في مسلك أو في منهج أو في أسلوب أو في أي شكل كان إلا بإرادته وإلا برغبته الداخلية الحقيقية. ومن هنا معنى الصدق فيه. معنى الصدق أن يرى الإنسان فيما يقوم به نتائج تؤدي الى تحسين وجوده والى أن يكون أفضل وعليه أن يكون صادقا في ذلك فإذا لم يكن الطريق الذي يسلكه والمنهج الذي ينهجه والأسلوب الذي يتعامل به يؤدي به الى هذه النتائج الداخلية عليه أن يبحث عن أسلوب آخر وعليه أن يبحث عن مفهوم آخر وعليه أن يبحث عن طريقة أخرى حتى يجد الطريقة المثلى التي تساعده على هذا المعنى. وهذا لا يرتبط بأي شكل خارجي وإنما هو يرتبط في المقام الأول بإرادة الإنسان الداخلية وبرغبته الحقيقية في التغيير وفي التطوير وفي أن يكون أفضل وأن يكون أقوم لذلك على كل إنسان أن يحاسب نفسه. (حاسبوا انفسكم قبل أن تحاسبوا) وأن يرجع البصر الى داخله وينظر ماذا قد حصل وماذا قد كسب وماذا هو عليه الآن وما هو مطلبه وما هو مقصوده وماذا يريد من هذه الحياة؟. وهذا السؤال نقوله دائما ونذكر أنفسنا به دائما ومع بساطته لكن صعب جدا أن يجيب عليه الإنسان وأن يحدد تماما ماذا يريد هو وإن كان يدرك بعقله أن هذه الأرض فانية وأن لا قيمة لأي شيء فيها لذاته إلا أنه بذاته وبنفسه الأمارة بالسوء أو بشيطانه سمه ما شئت لا يستطيع فكاكا من أن يكون دائما في مخططاته وفي مقاصده له إرتباطات شديدة بهذه الأرض الفانية وهذا لا يعني أن المطلوب أن يترك كل إرتباطاته وإنما يعني أن يكون مستعدا دائما لأن يترك هذه الإرتباطات في أي لحظة حين يرى أنها سوف تكون معطلة له عن إرتقائه أو عن معراجه في الحياة الأخروية والآية بتشير الى ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ(38)(سورة التوبة) هنا التثاقل الى الأرض ده شيء موجود في النفس البشرية ومطلوب أن يكون الإنسان مجيبا لدعوة الداعي إذا دعاه وأن لا يتثاقل الى هذه الأرض في اللحظة المطلوب فيه أن يجيب وأن يعرج وأن يخرج من هذه الأرض وإرتباطاتها.

0.28

خطبة الجمعه 14-12-2001
السيد علي رافع

إن دين الفطرة هو في هذه المفاهيم الأساسية.. في معنى الإنسان في معنى وجوده في معنى علاقته بربه.. هذا هو الأساس الذي يبنى عليه.. وهذا هو أساس الدعوة للناس جميعا (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64) (سورة آل عمران).. دعوة الى السلام ودعوة الى توحيد هدف الإنسانية ودعوة الى حقوق الإنسان الروحية والمعنوية.. دعوة أن يعرف الإنسان حقوقه.. وأن يعرف واجباته.. ما يجب أن يقوم فيه وما يجب أن يسير عليه.. إنا في حاجة الى تغيير شامل لمفاهيمنا ولسلوكنا ولأقوالنا حتى نرجع الى الإسلام.. الإسلام دين الفطرة.. دين الحقيقة.. دين الوجود.. قانون الحياة.. دعوة كل الأنبياء وكل الرسل.. الدعوة الى حقيقة وجود الإنسان والى هدف وجود الإنسان على هذه الأرض..

0.28

حديث الخميس 04-03-2004
السيد علي رافع

من هنا الإنسان حين ينظر الى وجوده والى نفسه والى أعماله عليه أن يتذكر هذا المعنى وأن يعكس البصر الى داخله ليرى ماذا يؤديه وماذا يقوم به في كل حياته وفي كل أفعاله فيكون هنا في معنى العمل الصالح الذي هو يؤدي الى تغيير حقي في داخله أيضا ويجعله صالحا لإستمرار الحياة بعد ذلك في الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ (24) ( سورة الانفال) الدعوة الى الحياة. الدعوة أن يكون الإنسان حيا. وحين يصف الذين إستشهدوا في سبيل الله (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(169) ) (سورة آل عمران) فهنا يتضح المعنى معنى الحياة هو معنى عظيم ومعنى يرغب الإنسان فيه ويأمل الإنسان فيه وهذا هو معنى الكسب في الله الحقي. من هنا حين يقوم الإنسان في هذا الحال يكون إنفعاله هو إدراك معنى الحياة ومعنى الإيمان بالله يقوده الى هذه الأمور الى هذه الحياة. يكون إنشغاله في ذلك هو وأنفعاله بذلك هو الحافز الرئيسي لقيامه. الذي ينفعل بقضية معينة ويرى أنها هدف في حد ذاته يريد أن يحققه وهذا الهدف حتى أكبر من رغبة أو من نتيجة يريد أن يصل فيها لنفسه في شيء كفرد وإنما يشعر بوجوده أنه جزء في هذا الكون وأنه حين يفعل ذلك فإنه يفعل الخير في هذا الكون ونحن ممكن أن نجد مثل أو مثاليات في ظاهر حياتنا توضح كيف أن الإنسان يمكن أن يؤمن بفكرة فيضحي بنفسه في سبيلها حتى لو كانت فكرة مادية.

0.28

خطبة الجمعه 12-07-1996
السيد علي رافع

إن الإنسان فى طريقه الحقى عليه أن يمعن النظر فى كل ما يحيط حوله وفى كل ما هو فى داخله، عليه أن يتامل فى خلق السموات والأرض، وفى خلق نفسه، عليه أن يكون صادقا فى تعاملاته ومعاملاته وفى عمله، حتى يكسب كرته على هذه الأرض، وهذا ما جاءت به جميع الأديان لترشد الناس إلى طريق الحق والحياة، وهذا ما تجيئ به كل دعوة صادقة، ليعلم الناس كيف يكونوا فى طريق الله. والقضية وإن كانت لها أبعاد فكرية وعقلية يجب ان يفهمها الإنسان، إلا أن القدر الأكبر منها هو سلوك الإنسان ومعاملاته وقيامه فيما فهم وأدرك فإذا كان الحديث يوضح الجانب الفكرى والعقلى والمنطقى، فإن العمل هو الذى يرسخ هذا المفهوم فى الإنسان ويجعله واقعا لا مجرد كلام.

0.27

حديث الخميس 12-12-2002
السيد علي رافع

وهنا ليس عليه إدراك شكل محدد لنتيجة محددة وإنما عليه المحاولة المستمرة ومن هنا نجد أننا في حاجة دائمة الى التواصي بالصبر من هذا المنطلق. وهذا ما نتذاكر به دائما أن القضية ليست مجرد كلمات وليست مجرد أفعال يأتيها الإنسان يؤدي به ذلك الى نتائج مادية وإنما هي تؤدي به الى نتائج معنوية وحقية وهذا أيضا أمر يستطيع أن يلمسه الإنسان. وهذا المعنى ما قال عنه القوم. (لا تتبع من لا ينهض حاله ومن لا يدلك على الله مقاله) الدعوة دائما الى الله هي دعوة الي لها إستمرارية. هي دعوة أن يكون الإنسان في كل يوم أفضل من الأمس وأن يرغب في أن يكون غده أفضل من اليوم من ناحية قدرته على التعامل في هذه الأرض والتعامل مع قوانين هذه الأرض وأن يكون من داخله أفضل وأحسن وأقوم وأقدر كل هذه المعاني تنعكس على الإنسان من الداخل.

0.27

خطبة الجمعه 26-04-2002
السيد علي رافع

(الإسلام دين الفطرة). جاءت به كل الرسل والأنبياء. وكل رسالة جاءت لتخاطب البشرية كلها. وكانت الرسالة المحمدية هي جماع كل هذه الرسالات. توضيح لما سبق وكشف لما سيلحق. فأوضحت أنها للبشرية كلها "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى (أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ (28) ( سورة سباء) . لأن الدعوة هي أن يفيق كل إنسان إلى ما فيه من سر الحياة وإلى ما فيه من فطرة الحياة. إنها دعوة كونية. دعوة عالمية. دعوة إنسانية. إنها تخاطب الإنسان في المقام الأول. تخاطب فطرته. تخاطب عقله. تخاطب قلبه. تعلمه أن "لا إله إلا الله" وأن عليه أن يكون عبدا لله. والعبودية لله تحرره من أن يكون عبدا لفكر أو لشكل أو لصورة. إنما تجعله حرا يفكر ويتأمل ويتدبر. إن العبودية لله هي حرية الإنسان. لأن أي فكر على هذه الأرض مهما نسبه أصحابه إلى الغيب إلا أنه هو مفهومهم فيه وتفسيرهم له. وبذلك لا يستطيع أن يسيطر إنسان على إنسان بأن يقول أنني أعرف الدين وأنت لا تعرفه. لا يستطيع أن يسيطر إنسان على إنسان بظن علم في دين أو بظن اتصال بغيب. وإنما كل إنسان مكلف وكل إنسان حر وكل إنسان راع (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ (64) (سورة آل عمران) وإذا اتخذ الإنسان قدوة بالله وأعلاً بالله. فبالله يكون فهمه ويكون تأمله ويكون إقتدائه.

0.27

حديث الخميس 08-11-2001
السيد علي رافع

فالحكم لله. والحكم لله هنا يعني أن الإنسان في منتهى الحرية. لأنه غير مقيد بأي فكرة يفرضها عليه إنسان أو مجتمع بصورة ما. إلا إذا قبِلها هو بعقله وبفطرته السليمة. فشهادة لا إله إلا الله هي الحرية. شهادة لا إله إلا الله هي العدل. (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(90)(سورة النحل ) لأن حين يتحرر الإنسان من أن يكون عبدا لصورة أو لشكل أو لإنسان. ( وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64)(سورة ال عمران). أو لأي هدف مادي يريد أن يصل إليه سوف يصبح في معنى العدل. الذي لا يجعل الإنسان يقوم في هذا المعنى هو أن يكون عبدا لإنسان آخر أو أن تكون له نوايا خافية أو تكون له مطامع في صورة أو في شكل ما لا تجعله قادرا أن يحكم الحكم السليم. فتَخَلُّصه من هذه العبودية المادية وإدراك أن لا سلطان عليه إلا لله بمعناه الأعلى والمطلق. وبالمعنى الذي أمره أن يفكر بما أودع الله أو أودع فيه من سره. يجعله قادرا على أن يتخذ القرار السليم وأن يكون عادلا فيما يُحكَّم فيه. وهكذا. يعني نستطيع حين ننظر أو نتأمل في كل القيم التي لا يختلف عليها الناس جميعا في وجودهم الإنساني وفي قيامهم الإنساني. ها نجد أنها يمكن أن تنبع أساسا من معنى (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ) إذاً فمهوم أن يحارب الناس بعضهم البعض بكلمة الدين أو بأنهم ينصرون الدين.

0.27