عليك أن تدرك أنك إن لم تقيم صلة بمعاني الحق عليك لتتزود بمعاين الحق وبمعاني الحياة وبقوة تجعلك قادرا أن تجابه موجات الظلام في نفسك ووجودك فإنك لن تستطيع أن تستمر في حياتك في طريق الحق والحياة. هكذا نتعلم ف يديننا كيف نخرج من دائرة الظلام الى دائرة النور ومن دائرة الباطل الى دائرة الحق ومن دائرة الجذع الى دائرة الإطمئان والسلام ومن دائرة الأنانية الى دائرة الإيثار والعطاء كيف نكون عبادا لله صالحين ورجالا فيه صادقين وإخوانا فيه متحابين.

0.69

الحق يوضح لنا ويعلمنا ويوجهنا ويرشدنا إنا ننظر حولنا فنرى الناس في سعيهم شتى ونرى كل فرد في حاله وفي قيامه وفي سلوكه وف يحركته كل يعمل بما له أهل (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسر)أما من عرف ربه وعرف حقه وعرف طريقه وعرف وجوده أدرك أنه للحق مخلوق وأنه للنور مطلوب فعمل وجاهد ودعى وصلى واتصل واجتمع وذكر وأعطى. فالعطاء هنا كل عمل يصدر عنه لم يبخل بعطاء الله له وإنما تحرك بعطاء الله إليه بذل جهدا وسعى سعيا وذكرا ذكرا وصلى صلاة ودعا دعاءا وخشى الله خشية وعلم أن أمامه الكثير فأدرك العبودية لله (أنا أقربكم من الله وأخوفكم منه)(ها أنا رسول الله بينكم ولا أدري ما يفعل بي غدا).

0.5

هل تأملنا في حالنا وفي حال الناس من حولنا وقد إنشغلوا بما صنعوا ويصنعون ما به ينشغلوا فعاشوا في دائرة من صنعهم ومن أفكارهم ومن قيامهم ولم يعيشوا في دائرة أعلاهم في دائرة بارئهم في دائرة ربهم وفي قيم حقهم وفي إنشغال بأمرهم في قادم وجودهم.

0.45

دائرةٌ نهايتها هي بدايتها، وكل نقطةٍ عليها هي بدايةٌ لحالٍ ونهاية لحالٍ آخر. ولذلك، كان رمز الدائرة في ديننا كطوافٍ حول نقطة. وفي الكتب الصوفية حين تتحدث عن الدائرة، وعن الدائرة في الكون، في المسارات التي تسير فيها النجوم، وتسير فيها الكواكب ـ رمز الدائرة له ما له، من أنه يقدم رسالةً للإنسان أن أعمالك متصلةٌ بعضها ببعض، وأن كل عملٍ يؤدي إلى الآخر، في تتالٍ يرجع بك إلى نقطة البداية.

0.44

إن هذا لو أدركنا لأمر جلل أن يخرج الإنسان من دائرة إحساسه بوجوده الى دائرة إحساسه بمعاني الحياة الشاملة المتكاملة أن يخرج الإنسان من دائرة يدور فيها حول نفسه الى دائرة يدور بنفسه وبقيامه وبكله حول هدف أسمى وهدف أعلى أن يخرج الإنسان من مجرد التطبيق الشكلي والإسمي الى قيام حقي وقيام فعلي.

0.44

فهنا، نجد دائماً هذه الدائرة التي تؤدي كل نقطة فيها إلى النقطة التي تجاورها، وهذا في تراصٍّ وفي اصطفافٍ وفي حركةٍ دائمة، كلها معانٍ تدور في دائرةٍ واحدة، وهي بتراصِّها وارتباطها ترسم الدائرة حول الهدف الواحد.

0.43

الآية 98 "ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم".. ماذا تعني الدوائر؟

0.41

نقطة المركز هنا دائما ترمز الى المقصود والى الهدف والى القبلة من وجود الإنسان. الإنسان وهو يدور في هذه الدائرة هو في واقع الأمر وإن كانت هي دائرة متصلة إلا إنه في كل لحظة في البعد الزماني نجد إن مقامه في أي نقطة على هذه الدائرة بيرتفع حسب مقامه في هذه اللحظة التي يعيشها.

0.4

فنحن في دائرة، وفي خروج من دائرة إلى دائرة، كلّها بتؤدي إلى نموّ الإنسان من النّاحية الرّوحية. ولذلك، فإنّه لو إنّك انت توقّفت عند أيٍّ من المراحل دي وعلّقت فيها من غير ما تنقل لمرحلة تانية، هو ده اللي ممكن يسبب لك نوع من عدم النموّ الرّوحي، أو يخلّيك بعد كده متعلّق بشكلٍ ما، بصورةٍ ما، ومابتتحرّكش منها.

0.34

ونحن ربطنا بين العمل والإيمان. نجد هناك علاقة وثيقة ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8) (سورة الزلزلة) هناك علاقة وثيقة بين مستوى الإنسان وبين عمله. كما وضحنا أن العمل الصالح بيتبع الإيمان (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (8)(سورة فصلت) والتناسب هنا مرتبط الإيمان يؤدي الى عمل صالح والعمل الصالح يؤدي الى رفع درجات ورفع درجات يعود بالإنسان على قدرة إيمانية أكثر وهذه دائرة متصلة. نحن نجد دائما أن الحياة فيها دوائر متصلة كثيرة دورة الحياة في أي صورة من الصور بنجدها دائرة مقفولة بمعنى. حتى المظاهر الطبيعية. تجد هناك ماء الماء يتبخر يصبح سحاب سحاب بيُنزل ماء مرة أخرى. يعني دائما في دوائر مقفلة كثيرة في الحياة نراها في صور متعددة. كذلك المقامات التي يمر فيها الإنسان والمراحل التي يمر فيها في معراجه. هي دوائر مقفلة. من هذا المنطلق أنها بتؤدي نهايتها لأولها هذا سر إستخدام دائرة في كثير من الأمور الصوفية وفي كثير من المصادر أو الديانات الأخرى أو الفلسفات المختلفة. الدائرة دائما أول نقطة فيها مع آخر نقطة فيها بيلتقوا. دائما هي مقفلة تؤدي أولها الى آخرها وآخرها الى أولها في إستمرارية. ولها مصدر واحد ولها نقطة مركز واحد.

0.34

ونحن نعيش في حياتنا في هذا المعنى يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، إلى أن نخرج من دائرة الأرض إلى دائرةٍ أكبر، لها قانونها، ولها أسبابها التي هي أكبر من أن نحيط بها ونحن في هذا الحال الذي نعيشه اليوم.

0.34

وفي الحقيقة أنه ما خرج عن الدائرة التي رسمها الله له.. ولكنه أصبح معنى للمتأمل في الله.. وأصبح معنى للعارف بالله.. يرى هذه الصورة أمامه على أنها شيء يريد الله أن يعلمه به.. ولكن في الحقيقة أن دائرة الله تشمل كل شيء..

0.33

إذا أدركنا هذه الحقائق فإن علينا ان نجتهد جميعا فى كل ما يخصنا، وفى كل اعمالنا وفى كل أحوالنا، لنكون مُطبِقين لهذه القيم الحقية فى أعمالنا وفى أحوالنا ، وفيما خُلِفْنَا عليه "كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته"، وكل إنسان مسئول، وكل إنسان عليه أن يجتهد فى دائرة إحاطته، وفى دائرة تخليفه، وفى دائرة سلطته، فالقضية ليست فقط هى قضية مجتمع، وإنما هى قضية أفراد فى المجتمع، كل فرد فيه هو فى حد ذاته مجتمع صغير عليه أن يطبق فى دائرة إحاطته ما يرى أنه الحق، وما يرى أنه الخير، وما يرى أنه الأفضل والأحسن، ومن هذا يكون الإنسان دائم التفكير، ودائم التدبير، ودائم السؤال والتدبر والتفكر والتأمل، لأنه يبحث عما هو افضل وأحسن فى دوام، لايقف جامدا، ولا يقف متحجرا، وإنما يتحرك دائما فى طريق الخير والصلاح والإصلاح.

0.33

أمّا من النّاحية الرّوحيّة فالكلّ قريب، فقطر أكبر دائرة لأيّ إنسان متواجدٍ على محيطها، على هذه الأرض، من النّاحية الروحيّة، كأيّ إنسانٍ في أقرب دائرةٍ ملاصقةٍ لهذا المركز. هذا ليس مجرّد تشبيه، فنحن نرى اليوم في عالم الاتّصال، أنّك تتّصل بأقصى دائرةٍ في زمنٍ لحظيّ. والقضية إذاً، ليست قرباً ماديّاً، ولكن القضيّة هي قربٌ روحيّ.

0.32

حديث الجمعة للسيد/علي رافع 11 مارس 1983 حمدا لله وشكرا لله وصلاة وسلاما عليك يا رسول الله. عباد الله.. إن ما يقربنا الى الله حقا هو قيامنا في صدق مع ما أوجد الله فينا من قوة في الحق وما أوجد فينا من سر بمعاني الحياة. إن كثيرا من الناس يتجادلون في ظاهر الكلمات ولا يتأملوا فيما وراء هذه الكلمات من معان. إن الإنسان هو قيام حي ووجود حي يتفاعل مع الحياة وتتفاعل معه الحياة.. يتفاعل مع الوجود من حوله ومع الأحداث الجارية في حياته الخاصة والعامة. إن الإنسان حين يتأمل وحين يتفكر ويتدبر وحين يذكر بقلبه وحين يتعبد بجوارحه يجد ما هو غيب عليه ينتقل من دائرة غيبه الى دائرة شهادته. إن الإنسان بفكره وبوجوده كله يمثل دائرة داخلها ما هو مشهود له وخارجها ما هو غيب عليه كلما إتسعت دائرته أدخل غيبه في شهادته.

0.32

فأنت تطوف في دائرةٍ على مسافةٍ ثابتة بينك وبين مركز البيت، وأنت في هذه الدائرة التي تمثل حياتك كلها، في كل نقطةٍ على محيط هذه الدائرة التي تطوف فيها وعليها، هي موقفٌ لك في حياتك، هي حياتك كلها، إنها تعبيرٌ عما نقوله دائماً، أنك في كل تعاملاتك عليك أن تكون متعاملاً مع الله.

0.31

فمن هنا، كان وجود الإنسان، هو المحور الذي تدور حوله الحياة، أو على الأقل، بالنسبة لكل إنسان، عليه أن يتعلم، أن الحياة بالنسبة له، هي دائرة، وهو محورها. فهو مطلوبٌ، أن يكسب من هذه الدائرة المحيطة به، في تفاعله معها، وفي تفاعلها معه.

0.3

إذا فكر الإنسان كذلك لإستقام أمره.. ولعرف الصراط المستقيم.. لأنه دائما يشعر بأنه مسكين.. في هذا الشعور وفي هذا القيام.. يستطيع الله أن يهديه وأن يرشده الى ما يفعل والى ما يجب أن يفعل فيخرج من دائرة نفسه ومن دائرة تصرفه.. وما دام قد خرج فهو دائما سيكون أداة خير يتصرف به الله في الأمور.

0.29

حين تدور في دائرة، على مسافة ثابتة من المركز، ومن كل نقطة على هذه الدائرة، أنت في مكانٍ مختلف، ولكن ما يربطك ويجعلك وضع ثابت، هو المسافة بينك وبين المركز، وإن كنت في مكانٍ مختلف، إلا أن العامل المشترك بين كل نقاط الدائرة، أنها تشترك جميعها، في أن المسافة بينها وبين المركز ثابتة.

0.27