خطبة الجمعه 20-11-2009
السيد علي رافع

عباد الله : نحن نرى كثيراً من الناس ـ بل أغلبهم ـ وهم يتصورون أنهم بطاعتهم العمياء ، أنهم بذلك يكونوا مؤمنين ، وكثيرون يرددون: أن إذا فعلنا أو أتينا منسكاً لا نفكر في هذا المنسك ، وإنما ننفذه لأنه أمر الله . وهذا إن كان فيه جزءٌ من الحقيقة ، إلا إن هناك جزء اً غائب ، وهو أن شرط قيامك في هذه الطاعة ، هو أن تتبعه بتأملٍ فيما تقوم فيه ، حتى تكتمل طاعتك ، فتسأل ربك ، أريد أن أقوم في هذه العبادة بحقٍ وصدق ، أريد أن يكون لها أثرٌ في حياتي ، وفي سلوكي ، وفي تَغييري ، وفي أن أكون متسقاً مع قانونك ومع حكمتك ، وأن تكون في طريق الحق والحياة ، فالشرط لاحِقٌ للطاعة وليس سابقاً لها ، وإنما هو مطلوبٌ أن يتبع هذه الطاعة .

0.73

خطبة الجمعه 20-11-2009
السيد علي رافع

لا تستطيع أن تقف عند أمرٍ أو عند طاعةٍ أمرك الله بها ، وألا تفعلها حتى تدرك حكمتها ، لسببٍ بسيط ، هو أن حكمتها لها أبعادٌ كثيرة وعميقة ، وقدرتك أنت في بداية طريقك قليلة وصغيرة ، لذلك ففهمك للعبادة يسير جنباً إلى جنب ، مع إتيانك لها ومع قيامك فيها ، فليس مطلوباً أن تتوقف عنها حتى تفهم حكمةً منها ـ تعتقد أنها الحكمة الأساسية ، وفي واقع الأمر لا وجود لمثل هذه الحكمة الأساسية ، إنما هي حِكمٌ كثيرة ، حِكمٌ لها أبعادٌ عميقة ، أنت تأخذ جزءاً منها بقدر طاقتك .

0.36

خطبة الجمعه 01-02-2002
السيد علي رافع

ما هي الطاعة؟ وكيف تكون الطاعة؟ هذا هو السؤال. لأن الطاعة لا تتعارض مع فكر مع علم مع بحث مع مراقبة للنفس مع تقويم لما يقوم به الإنسان وتقييم له. الطاعة هي عمل وعلم هي خشية ومراقبة وقد أراد الصوفية أن يعبروا عن هذا الحال بقولهم رب معصية أورثت ذلا وإنكسارا خير من طاعة أورثت عزا وإستكبارا. وفي تعبيرهم هم عن الطاعة هنا هي الطاعة في صورتها الظاهرية. لأن الطاعة الحقية لا تورث إلا ذلا وإنكسارا لا تورث إلا خشية في الله. وقد علّمنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ذلك يوم قال "أنا أقربكم من الله وأخوفكم منه ". "ها أنا رسول الله بينكم ولا أدري ما يُفعل بي غدا". تعبيرا عن خشية الله. . ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (28)(فاطر). فالطاعة على ما نفهمها هي إدراك لقانون الحياة وخضوع له لأن هذا هو الطريق الوحيد الذي يستطيع أن يكسب منه الإنسان. بمحبة ورغبة صادقة في أن يتعلم هذا القانون. (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا(93)(سورة مريم) وهذا واقع وليس كلام. وكثيرا ما نتحدث عن حياتنا الأرضية وكيف أننا علينا أن نفهم القوانين التي تحكمها حتى نستطيع أن نعيش عليها وهذا هو قيامنا في معنى العبودية لله.

0.31

حديث الخميس 23-09-2010
السيد علي رافع

فيستتبع ذلك ، إنه نبدأ في المغالاه ، ونبدأ في الحرفية الشديدة ، لأننا قد لا نطيع، الطاعة أن تفعل كذا ، الطاعة أن تأكل بيدك المش عارف ازاي ، الطاعة أن تطيل اللحية ، الطاعة أن تُقصِّر الجلباب ، الطاعة أن تقول كذا ، الطاعة أن تفعل كذا ، وتصبح ـ نخش في هذا الطريق ، أو هذا الشكل .

0.29

خطبة الجمعه 20-11-2009
السيد علي رافع

بل أن الطاعة في حد ذاتها هي سؤالٌ ودعاء ، ليكشف الله لك عن سر قيامك ، وعن سر علاقتك به . ومن هنا نجد تلازم الطاعة مع التأمل والتفكر والتدبر والدعاء ، هذا ما يجعل الإنسان مُعمِلاً لما أعطاه الله من نعم ، لأنه يقيس بقلبه ويقيس بعقله ويقيس بضميره ، فيما يفعله وفيما يقوم به ، هكذا يكون الحال . أما إذا توقف الإنسان عند الطاعة دون ان يلازمها تفكرٌ وتدبرٌ وإحساسٌ ، فإنه يفقد جزءاً كبيراً من حياته ، بل أن هذه الطاعة ربما تؤدي إلى عكس ما يرجوه .

0.27