خطبة الجمعه 20-11-2009
السيد علي رافع

فجنوح بعض الناس إلى رفض هذه الطاعة كليةً ـ لأنهم لا يروا فيها حكمة ، هو غير مقبولٍ ، حتى بنفس منطقهم ، فالإنسان في كثيرٍ من الأحيان ـ حتى في العلوم الظاهرية ـ لا يبدأ تجربةً وهو مدركٌ لها كل الإدراك ، وإنما قد يفهمها من خلال ممارسته لها ، ومن خلال تجاربٍ كثيرة. والعبادة هي تجربة ، تجربةٌ روحية ، أن يعيش الإنسان بقلبه وروحه ، فالإدراك يلازم هذه التجربة ، ليس شرطاً أساسياً أن تفهم النتيجة قبل أن تمارس ، ولكن الشرط الأساسي هو أن تتأمل في نتيجة هذه التجربة ، وتحلل نتائجها ، وتحلل حالك ، هل أنت في حالةٍ مستقيمة ، أم أنك في حال غفلة ؟ هل أثرت عليك سلباً أم إيجاباً ؟ ما هو المراد منها وأنت تمارسها ؟ تسأل نفسك وتسأل ربك .

0.58

خطبة الجمعه 20-11-2009
السيد علي رافع

بل أن الطاعة في حد ذاتها هي سؤالٌ ودعاء ، ليكشف الله لك عن سر قيامك ، وعن سر علاقتك به . ومن هنا نجد تلازم الطاعة مع التأمل والتفكر والتدبر والدعاء ، هذا ما يجعل الإنسان مُعمِلاً لما أعطاه الله من نعم ، لأنه يقيس بقلبه ويقيس بعقله ويقيس بضميره ، فيما يفعله وفيما يقوم به ، هكذا يكون الحال . أما إذا توقف الإنسان عند الطاعة دون ان يلازمها تفكرٌ وتدبرٌ وإحساسٌ ، فإنه يفقد جزءاً كبيراً من حياته ، بل أن هذه الطاعة ربما تؤدي إلى عكس ما يرجوه .

0.52

خطبة الجمعه 29-02-2008
السيد علي رافع

وفي نفس الوقت الذي هو يسعى لذلك ، تكشف له الرسائل السماوية ، تكشف له كل الأديان وكل الرسالات ، أن هناك جانباً آخر في حياته ليكون في معنى العبودية الحقة ، وهو الجانب الروحي والمعنوي الذي يساعده في تخطي الأزمات على هذه الأرض ، وفي المرور فيها وما أكثرها . وأن يتعلم أنه كإنسانٍ هو كيانٌ له حياة وله مستقبل ، وأن كل ما يمر به يمكنه أن يحوله إلى طاقةٍ إيجابية تساعده في انطلاقته الروحية ، فلا ينظر لإنسانٍ آخر أو لحالٍ آخر ، وإنما يركز فيما أعطاه الله ، وفيما وهبه الله ،كيف يُعَظِّمه ؟ كيف يجعل منه وسيلةً للتغيير إلى الأفضل والأحسن والأقوم ؟ لذلك نجد الآية التي تشير ـ لا تنظر إلى ما متعنا به بعضهم ، " وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ " [الذاريات 21] اعكس البصر إلى داخلك ، وانظر ماذا يمكن أن تفعل وماذا يمكن أن تقدم ، واستعن بالله واستعن بالصبر والصلاة.

0.41

خطبة الجمعه 29-02-2008
السيد علي رافع

إذا تأملنا في هذا المفهوم نجد أن هذا ما يراه كل إنسانٍ عاقلٍ على هذه الأرض بفطرته ، وأن هذا ما تدفعه إليه قوانين الأرض ، وما تدفعه إليه كل احتياجاته على هذه الأرض ليظل متواجداً عليها ، من مأكلٍ وملبسٍ ومصنعٍ ومشفى ومدرسةٍ وجامعةٍ ومزرعةٍ وكل وسائل الحياة ، إنه هدفٌ واحدٌ أن يقوم الإنسان على هذه الأرض في معنى العبودية لله ، هو أن يكون أكثر عطاءً وأكثر علماً وأكثر عملاً ، كلٌ بإمكاناته وقدراته ، فالقدرات تختلف من إنسانٍ لإنسان .

0.34

حديث الخميس 18-12-2003
السيد علي رافع

نسأل الله أن يوفقنا في حديثنا وأن يجعل من ذكرنا وإجتماعنا سببا لإحياء قلوبنا وإنارة عقولنا حتى نكون أكثر تعرضا لنفحات الله ورحماته وحتى نستطيع أن نغير ما بأنفسنا فما يميز الإنسان عن باقي الكائنات هي قدرته على التغيير وعلى أن يكون أكثر رقيا وأكثر علما وأكثر معرفة وأكثر إدراكا هذا ما يجعل الإنسان في مكانة عالية في هذا الكون أو في هذا الكوكب علي الأقل كما نعرفه وكما نشهده الإنسان له رسالة بوجوده في هذا الكون (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)(سورة الذاريات) (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي(39)(سورة طه) من هنا كانت رسالة الإنسان الأساسية هي معنى العبودية لله. بعض الناس يرى في معنى العبودية لله أنها في تصوره الطاعة المطلقة لما أُمر به فيما جاءت به الرسالات أو فيما جاءت به رسالة الإسلام دون تفكير ودون إدراك وأن هذا هو معنى العبودية الحقيقي أنك لا تفكر وإنما تفعل ما أُمرت به ولا تسأل عن أي شيء فإنما تقوم في هذا الذي أمرت به دون أي تردد ودون أي تساؤل وأنك بذلك تحقق معنى العبودية لله وهو سوف يعطيك الكثير نتيجة هذه العبودية التي قمت فيها وهذه الطاعة التي قمت فيها. هنا طبعا القضية ليست أن هذا يقبله العقل أو لا يقبله العقل وإنما هي كيف أنفذ هذا المطلوب يعني كيف أقوم بصدق حتى إذا أراد أن أكون في طاعة بلا تفكير هنا فيه تعارض في واقع الأمر في هذه الجزئية. هل نحن نسلّم من البداية أن قانون الحياة هو الأمر الحاكم لأي قضية على هذه الأرض يعني لا نستطيع أن ندحل من مدخل أن قانون واقع وفعال ونقول أنه ممكن أو غير ممكن أو أنه يقبله العقل أو لايقبله العقل يعني هذا ليس وارد.

0.33

خطبة الجمعه 01-02-2002
السيد علي رافع

ما هي الطاعة؟ وكيف تكون الطاعة؟ هذا هو السؤال. لأن الطاعة لا تتعارض مع فكر مع علم مع بحث مع مراقبة للنفس مع تقويم لما يقوم به الإنسان وتقييم له. الطاعة هي عمل وعلم هي خشية ومراقبة وقد أراد الصوفية أن يعبروا عن هذا الحال بقولهم رب معصية أورثت ذلا وإنكسارا خير من طاعة أورثت عزا وإستكبارا. وفي تعبيرهم هم عن الطاعة هنا هي الطاعة في صورتها الظاهرية. لأن الطاعة الحقية لا تورث إلا ذلا وإنكسارا لا تورث إلا خشية في الله. وقد علّمنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ذلك يوم قال "أنا أقربكم من الله وأخوفكم منه ". "ها أنا رسول الله بينكم ولا أدري ما يُفعل بي غدا". تعبيرا عن خشية الله. . ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (28)(فاطر). فالطاعة على ما نفهمها هي إدراك لقانون الحياة وخضوع له لأن هذا هو الطريق الوحيد الذي يستطيع أن يكسب منه الإنسان. بمحبة ورغبة صادقة في أن يتعلم هذا القانون. (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا(93)(سورة مريم) وهذا واقع وليس كلام. وكثيرا ما نتحدث عن حياتنا الأرضية وكيف أننا علينا أن نفهم القوانين التي تحكمها حتى نستطيع أن نعيش عليها وهذا هو قيامنا في معنى العبودية لله.

0.32

حديث الخميس 27-01-2005
السيد علي رافع

نسأل الله أن يوفقنا في حديثنا وأن يجعل من جمعنا وذكرنا سببا لإحياء قلوبنا وإنارة عقولنا حتى نسلك طريق الحق وطريق النجاة ونكون عبادا حقا لله مدركين معنى العبودية بصدق وقائمين فيها بأعمالنا وبسلوكنا وبفكرنا مدركين أن القانون الإلهي الذي كشفته لنا الأديان هو كشف ليمكننا من أن نحيا وهذا ما نردده دائما مصداقا للآية {( 24 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ (سورة الأنفال } والحياة هي أمر مستمر { (169) وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ( سورة آلـ عمران)} هذه المرتبة التي وصف بها الذين قتلوا في سبيل الله هي مرتبة يرجو فيها كل إنسان عاقل. مرتبة الحياة وهذا معنى الإيمان باليوم الآخر لأن الإيمان باليوم الآخر هو أن تؤمن بإمتداد الحياة وأنك تريد أن تكون حيا في هذه الحياة الأخرى. لذلك نجد أن كثير من المعاني التي جاءت بها الأديان هي في واقع الأمر لتساعدنا على هذا المعنى وكثير من السابقين تطرقوا لمعنى الطاعة ولمعنى المعصية وتكلموا في معنى الطاعة وكيف تحيي القلب (إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد وإن جلاؤها لذكر الله) وكيف أن المعصية تميت القلب {ران على قلوبهم} والنقطة الأساسية التي يحدث فيها خلط أو يحدث فيها لبس هو معنى الطاعة ومعنى المعصية ما هي الطاعة بحق؟ هل الطاعة هي استجابة للإنسان للأمر دون فهم ودون وعي؟.

0.32

حديث الخميس 02-12-2004
السيد علي رافع

وكل إنسان على هذه الأرض أوجد الله فيه قدرة على التأمل والتفكر وعلى الذكر والدعاء وعلى العمل والجهاد. وعلى كل إنسان أن يحاول بقدر إستطاعته أن يستخدم هذه الأدوات التي منحه الله إياها { (286) لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا ( سورة البقرة) } فالله يكلف كل نفس ما تستطيعه فإذا لم تُعمل ما في وسعها تكون قد قصرت في الرسالة المطلوب أن تؤديها على هذه الأرض. ومن هنا ندرك أن القانون الإلهي بهذه الجزئية يعلمنا أن عدل الله يتناسب مع الإنسان وقدرته. وكل إنسان سيصل الى ما هو ميسر ومهيء له فلا نستطيع أن نطلب من إنسان أن يفعل شيئا في غير قدرته ولا أن يذكر فوق قدرته ولا أن يفكر فوق قدرته وإنما هو مطلوب منه أن يُعمل كل ما أعطاه الله بما هو ميسر له. لذلك فلن نجد مثلا أن الحكم هو بنتيجة الفعل. لأن ممكن إنسان قوي أن يفعل أشياء كثيرة بقوته الجسدية وإنسان آخر لا يملك هذه القوة لا يستطيع أن يفعل ما يفعله الآخر ولكن هل هذا إستخدم قدرته أم هو لم يستخدمها هذه النقطة. نجد مثلاً في الأثر حين تبرع أحد الصحابة في تجهيز جيش في الجهاد بقدر من ماله وقدر كبير وإنسان آخر تبرع بأقل ولكن هذا كل ما يملكه نجد أن صدق الإنسان الذي تبرع بكل ما يملكه حتى وإن كان قليل نتيجة بالنسبة للأثر المعنوي والروحي الذي كسبه هذا الإنسان نتيجة فعله أكبر بكثير من الآخر هذا دلالة على أنه أعمل كل قدرته في طريق الحق.

0.32

خطبة الجمعه 20-11-2009
السيد علي رافع

عباد الله : نحن نرى كثيراً من الناس ـ بل أغلبهم ـ وهم يتصورون أنهم بطاعتهم العمياء ، أنهم بذلك يكونوا مؤمنين ، وكثيرون يرددون: أن إذا فعلنا أو أتينا منسكاً لا نفكر في هذا المنسك ، وإنما ننفذه لأنه أمر الله . وهذا إن كان فيه جزءٌ من الحقيقة ، إلا إن هناك جزء اً غائب ، وهو أن شرط قيامك في هذه الطاعة ، هو أن تتبعه بتأملٍ فيما تقوم فيه ، حتى تكتمل طاعتك ، فتسأل ربك ، أريد أن أقوم في هذه العبادة بحقٍ وصدق ، أريد أن يكون لها أثرٌ في حياتي ، وفي سلوكي ، وفي تَغييري ، وفي أن أكون متسقاً مع قانونك ومع حكمتك ، وأن تكون في طريق الحق والحياة ، فالشرط لاحِقٌ للطاعة وليس سابقاً لها ، وإنما هو مطلوبٌ أن يتبع هذه الطاعة .

0.32

حديث الخميس 14-05-2015
السيد علي رافع

فالإيمان بالله هو في التدبر، وفي التفكر، وفي إيمان الإنسان بما أعطاه الله من قدرة ومن عقل، وفي تفعيل ما أعطاه الله أيضاً من قدرةٍ على الذكر والتَذكُّر، وفي إدراك أن الإنسان له حياةٌ ممتدة، وأن ما يجعله حياً في هذه الحياة الأخرى هو ما يفعله على هذه الأرض من خلال العمل الصالح. فهنا، هذه الأساسيات التي إذا تعلمها الإنسان ومارسها، يكون في دين، يكون في قانون الحياة، يكون متابعاً لقانون الحياة.

0.31