فإذا تأملنا في حالنا وفي نفوسنا لنعرف كيف تكون نفوسنا مطمئنة.. إن إطمئنان النفس حقا هو حال في الله وقيام في طريق الله.. إن الإطمئنان حقا ليس في الضمان أو في عدم الخشية. فمثالية الحق لنا تقول (أنا أقربكم من الله وأخوفكم منه)(لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون). هل النفس المطمئنة هي التي ضمنت كل شيء. هل النفس المطمئنة هي التي أدركت كل شيء فضمنت كل شيء؟

0.74

إن النفس المطمئنة في واقع الأمر هي النفس التي عرفت الله ربا عرفت معنى العبودية لله عرفت كيف يكون الإنسان عبدا خالصا لله فأصبح كل رجائها وكل طلبها وكل عملها ذكرا لله فلم ترى لها وجودا مع وجود الله وكما قال القوم (جودك ذنب لا يقاس به ذنب)هي النفس التي أصبحت وأعدت كل قيامها للرحيل للإنطلاق للخروج من هذه الذات فهذا إستحقت أن تخاطب من الحق بأن إرجعي الى ربك راضية مرضية..

0.62

وكذلك، الإنسان الذي فيه خيرٌ، وفيه صلاحٌ، وفيه ذكرٌ ـ كلّ ذلك يؤدّي إلى ما هو أصلح، وإلى خيرٍ أعظم، وإلى علمٍ أكبر. إلّا أنّ هناك أيضاً في لحظاتٍ، وفي حالاتٍ، معنى الظّلام الكامن في الإنسان، يمكن أن يصادف ظلاماً أكبر، فيُخرِجه من ذلك. وهنا الحقّ يحدّثنا عن خشية الله، عن الإنسان عليه ألّا يغترّ، ولا يتصوّر أنّه وقد أصبح في حالٍ منير، أن يتكبّر، وأن يأمن قانون مكر الله، "... فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"[الأعراف 99].

0.29

إن كل حياتنا لله وكل وجودنا لله وكل قيامنا لله فإنا جميعا لله وإنا إليه راجعون(يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)(ما ظهر الله في شيء مثل ظهوره في الإنسان)فالإنسان سر كبير (خلق الله آدم على صورته)(خلقتك لنفسي ولتصنع على عيني)..

0.29

وهذا التبسيط يخل بالمفهوم الصحيح لمعنى الوجود على هذه الأرض. إن كل ما يحدث على هذه الأرض هو رسالة موجهة لكل إنسان عليها. وقدرة الإنسان أن يقرأ هذه الرسالة هي التي تجعله يستفيد منها أو يخسر نتيجة عدم إدراكه لها. والرسالة الدائمة التي يرسلها الله لنا في كل وقت وفي كل مكان. ماذا تريد يا إنسان من وجودك على هذه الأرض؟ هل فكرت؟ هل تأملت؟ هل تدبرت؟ هل أدركت أن المقصود وجه الله؟ هل تعلمت إن أكرمكم عند الله أتقاكم؟ هل عرفت معنى التقوى؟ هل عرفت معنى الخشية؟ "أنا أقربكم من الله وأخوفكم منه(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)(فاطريَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)(سورة الحجرات. (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً (48) (سورة المائدة). فلماذا يريد البعض أن يفرض صورة على الناس جميعا. ويظن أنه بذلك يؤمن بالله وينصر الله.

0.28

إن هذه هي البداية البداية لإنطلاقك في الله لإقتحامك العقبة أن تكون عبدا لله ومعنى العبودية لله أن تقدم وجودك لله وألا تشعر بوجودك مع الله وهذا ما عبر عنه القوم يوم قالوا(وجودك ذنب لا يقاس به ذنب)فإذا قمت كذلك فأنت عبد لله وعليك أن تدرب وجودك حتى تكون حقا عبدا لله إن هذا أمر جلل لا يكون إلا بتدريب دائم..

0.28

إنا وقد أدركنا أنا لا نريد أن نكون أجسادا متحركة لا تدرك ما تقوم فيه وإنما نريد أن نكون أرواحا منطلقة متأملة عاملة راجية طالبة آملة داعية راجية حقا أن تكون قد عرفت لها مركزا وعرفت لها بيتا وعرفت لها قبلة عرفت لها معنى ترتضيه أعلا لها لتكون حقا ولتقوم حقا ولتسلك حقا ولتخرج من حياتها وقد كسبت شيئا عرفت ربنا وأدركت حقا وحجت لبيت في الله حقا وكانت فيه في معنى أنها في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه وتكون حقا كذلك تكون في معنى العبد لله الصالح تكون في معنى الرجال الذين إذا ذكروا ذكر الله يكون في معنى عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.

0.28

أنظر الى نفسك فيهم واستعذ بالله من أن تكون مثلهم.. إستعذ بالله أن تكون على صورتهم.. واطلب عونا أن يخرجك الله من الظلمات الى النور لترى مثالية لك من نور ترى مثالية لك عرفت طريقها وصدقت مع ربها ذكرت ربها لتجلي قلبها.. عرفت (إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد وإن جلاؤها لذكر الله) عرفت أن معنى النفس لها هو وقود لهذا النور القائم في قلبها.. وعرفت أنها بالتأمل في خلق الحياة وبالتأمل في آلاء الله تحيي أرضها بعد موتها.. شهدت أن لا إله إلا الله حقا وشهدت أن محمدا رسول الله فعلا فكانت مثالية الحياة وكانت نور الحياة..

0.27

عرفت أن افتقارك شرفاً وأن مسكنتك وسيلة عرفت بها معنى العبودية وشَرُفَت بها عرفت طريقك في الله عبدي أطعني أجعلك عبداً ربانيا تقول للشيء كن فيكون وعرفت أنك يوم تكون ربانياً فشرفك أنك لربك عبد في دوام عرفت أنك دوما في عبودية في لانهائي كسب في الله.

0.27